من هذه الأحوال قولهم (بأسره)، وهو استعمال عربي مستمر إلى يومنا هذا، جاء في صحيفة الجريدة: «تكنولوجيا التصنيع الجمعي.. كيف ستغيّر العالم بأسره؟»( ). والأسر هو الإسار أي القدّ وهو الجلد المقدود، ويستعمل لشدّ البكرات (المحّال)، وتسميه عامتنا (السير) ويجمعونه على (سيور)، وربما استُعمل لقيد العدو؛ ولذا يسمى المقيد أسيرًا، قال الجوهري «أَسَرَ قَتَبَهُ يأسِرُهُ أَسْرًا: شَدَّهُ بالإسارِ، وهو القِدُّ. ومنه سُمِّي الأَسِيرُ، وكانوا يُشدُّونه بالقِدِّ، فسُمِّيَ كلُّ أَخِيذٍ أَسيرًا وإنْ لم يُشَدَّ به. يقال: أَسَرْتُ الرجلَ أَسْرًا وإسارًا، فهو أَسيرٌ ومَأْسورٌ، والجمع أَسْرى وأُسارى»(معجم الصحاح). وأما (بأسره) أي بقِدّه فهي حال دالة على الكلّيّة، ففي المثال المقتبس المعنى «ستغير العالم كاملاً»، أي كلّه، قال الجوهري: «وهذا الشيءُ لكِ بأسْرِهِ، أي بِقِدِّهِ، تعني بجميعه، كما يقال: برُمَّتِهِ»(الصحاح). وقوله «برُمته» لفظ قديم ما زال مستعملاً إلى يومنا هذا، جاء في صحيفة الرياض «بوش: اقتصادنا برمته بات في خطر»( ). والمعنى اقتصادنا كاملاً بات في خطر. قال الفيومي «وَالرُّمَّةُ بِالضَّمِّ الْقِطْعَةُ مِنْ الْحَبْلِ، وَبِهِ كُنِّيَ ذُو الرُّمَّةِ، وَأَخَذْتُ الشَّيْءَ بِرُمَّتِهِ أَيْ جَمِيعَهُ، وَأَصْلُهُ أَنَّ رَجُلاً بَاعَ بَعِيرًا وَفِي عُنُقِهِ حَبْلٌ، فَقِيلَ: ادْفَعْهُ بِرُمَّتِهِ، ثُمَّ صَارَ كَالْمَثَلِ فِي كُلّ مَا لا يَنْقُصُ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ» (معجم المصباح المنير). ومن هذه الأحوال (بحذافيره) كما جاء في صحيفة الرياض: «خالد الطخيم: تجربتي مع «الخادمة» جيدة.. وسأقدم التراثي بحذافيره في»أيام وليالي»»() أي سأقدم التراثيّ كاملاً. جاء في معجم (لسان العرب): «حَذافِيرُ الشيء أَعالِيهِ ونواحِيه. الفراء: حُذْفُورٌ وحِذْفارٌ. أَبو العباس: الحِذْفارُ جَنَبَةُ الشيء، وقد بلغ الماء حِذْفارَها جانبها، الحَذافِيرُ الأَعالي، واحدها حُذْفُورٌ وحِذْفارٌ، وحِذْفارُ الأَرض ناحيتها عن أَبي العباس من تذكرة أَبي علي، وأَخَذَهُ بِحَذافِيرِه أَي بجميعه، ويُقال أَعطاه الدنيا بِحَذافِيرها أَي بأَسْرِها، وفي الحديث فكأَنما حِيزَتْ له الدنيا بحذافيرها: هي الجوانب، وقيل الأَعالي، أَي فكأَنما أُعطي الدنيا بحذافيرها، أَي بأَسرها، وفي حديث المبعث: فإِذا نحن بالحَيِّ قد جاؤوا بحذافيرهم أَي جميعهم».