ليتك مثل غيرك من الناس عادي محمد العبيدالله كتب عبدالعزيز القاضي - أبوإياس بيت جميل بسيط، واضح الفكرة والألفاظ، ليس فيه تعقيد ولا غوص على معنى بعيد. بيت سهل كأنه كلام من سائر الكلام. وشطره الثاني وإن يكن معناه تكرارا للأول إلا أنه تكرار ممتع ومفيد وفيه إضافة تمتد بها مشاعر العتب، وتستلذ به القريحة، ويرتوي منه الذوق الأدبي، وما كل تكرار ممل أو مذموم. بيت أظنه سار مسير الأمثال وإن يكن مجهولا غير معروف لدى الكثيرين، لكني على يقين من أن يقرأه سوف يُعجب به، ولعله يتمثل به في مناسبة من المناسبات الموافقة لمعناه، لبساطته وعفويته وسهولة حفظه وعمق معناه الروحي. وإذا كان عمق الفكرة، وتحليق الخيال، وغرابة الألفاظ تجعل من بعض الشعر مميزا، فإن البساطة وقرب المعنى والوضوح، والخلو من التعقيد اللفظي والمعنوي، والخلو من تركيز الفكرة وتكثيفها، لا يمتع ولا يؤثر في الروح كما يؤثر الوضوح الجميل، وجمال الكلام دائماً يكمن في تأثر النفس به لا بمعانيه ولا بألفاظه وأخيلته، وكلما كان المعنى المطروح في الشعر واضحا موافقا لهوى في الروح، كان تأثيره أعمق وأكثر، وسبق أن قلنا إن جمهور الواضح أعظم وأكثر عددا من جمهور الغامض. عتاب الأحبة يختلف عن عتاب الآخرين، ففيه روح ومشاعر متأثرة أو مجروحة، وخطأ الأحبة يختلف عن أخطاء الآخرين لأن أثره يمتد إلى القلب والروح، فيبقى جرحا نازفا موجعا. (ليتك رخيص عندنا يوم صديت).. أقسى ما يؤلم الحبيب هو أن يرى حبيبه يهجره ويصد عنه، والصدود المتعمد في لحظة التلاقي أشد ألما وكمدا للقلب، لأنه دليل نفور وطلب بُعد، وما أقسى النفور وآلم الصدود.ولو كان هذا الذي تعمد الصدود رخيصا على النفس عاديا مثل غيره من الناس لهان صدوده .. لكن لماذا يصد الحبيب؟ أظن أنه لا يصد إلا إذا كان ساخطا سخط عتب و(شره) على تصرف ما، أو سخط من غدر وخيانة، وقد يصد الحبيب لأنه لا يحس بنفس المشاعر التي يحس بها محبوبه، أي أنه وجد نفسه محبوبا وهو غير محب، فهو حب من طرف واحد، ولعله ظن في بداية الأمر أنه يحب ثم اكتشف أنه ليس كذلك فانسحب وترك محبه يصارع الوجد وألم الصدود.