الفرق بين «الجمهور العربي» و»الجمهور الأمريكي» يكمن في ردة الفعل الصادقة والمباشرة لما نشاهده ويعرض أمامنا ، حيث تطغى المجاملات علينا في العالم العربي ونستخدم أسلوب «التسليك» للآخرين في شتى مناحي الحياة, بينما أبناء العم «سام» يعطونك إياها «كاش» وفي الوجه دون مجاملة أو محاباة. ففي «نيويورك»مثلاً من الطبيعي جداً أن تسمع صرخات الجمهور: «ما تضحك « أو «نكته بايخه», بعد أن «يذب « الفنان على خشبة المسرح «نكته» أو ينتقد موقفا بشكل ساخر أو يناقش أمراً في المجتمع بشكل لا يناسب الجمهور أو بطريقة مبتذلة ومتجنية، «فالخواجات» لا يجاملون على حساب قضاياهم وقناعاتهم، وهم غير مجبرين على إضاعة وقتهم أمام «سفافات» مايطرح ويدفعون مقابله. وهذا يتأكد خصوصاً في برامج ال « ستاند أب كوميدي « التي عرفناها قبل «الخواجات» باسم «الحكواتي» وأعدنا استيرادها منهم مؤخراً «بقالبها الجديد»، كأي شيء آخر نعيد استيراده بعد تصديره لهم..!. بالمقابل وللأسف لا نستطيع رفض أي عمل تلفزيوني درامي سطح قضايانا وتجنى عليها، رغم أننا من يدفع ثمنه من خلال الإعلانات و الرعايات له، والتي تحسب علينا لاحقاً من قبل الشركات والمؤسسات التجارية، وتحمل على فواتير مشترياتنا. وتبعاً لما يحدث الآن من تسابق بين القنوات الفضائية العربية لكسب الجمهور وتقديم كل ما هو جذاب وجريء لطرحه في رمضان, أعتقد أن المستقبل سيشهد حتماً تقديم برامج ال «ستاند أب كوميدي « كوجبات تنافسية في رمضان المقبل!!. وهو ما سيخرج هذا الفن من «اليوتيوب» إلى «الشاشة الفضية» كوجبة رمضانية ثابتة للجمهور العريض خلال السنوات القادمة وذلك لأنه يجوز في رمضان مالا يجوز في غيره، ويرتفع فيه سقف وهامش الحرية في النقد، و المشاهدة العالية، وانخفاض التكلفة في هذه الأعمال مقارنة بالأعمال الأخرى. أعتقد أنهم نجوم قادمون «للشاشة» لا محالة ببرامجهم وأفكارهم، فهم ليسوا أقل من الكندي «جيم كاري» والأمريكي «جيري ساينفلد» اللذان دخلا السينما وأصبحا من نجوم هوليود بفضل ال « ستاند أب كوميدي « وبكل تأكيد سيتفوق هؤلاء الشباب على ما يقدمه نجوم أعمال رمضان اليوم الذين تعودوا على ردة فعل «التسليك» من قبلنا دوماً وعلى كل شيء يطرحونه. ما يجعلني أراهن على نجاحهم هو تقبلهم لردود الفعل الناقدة بشكل صادق ومباشر مهما كانت غاضبة ودون استعلاء، ولو كانت «حذاء «يصلهم على المسرح بسبب غضب الجمهور، وهو ما سيساعد في طرح وانتقاد واقعنا بشكل شبابي جديد يلبي متطلبات جيل»الفيس بوك» و»التويتر» بعيداً عن البرامج والمسلسلات الرمضانية التي أنهكت عقولنا وأصابتها «بالتخمة»، من كثرة «اللت والعجن» في قضايانا لسنوات طويلة بذات الشخصيات والأسلوب دون فائدة حتى باتت مشاكلنا « كالتمر المعبوط « في سفرة رمضان. وعلى دروب الخير نلتقي.