كأنَّه شَبَحٌ وافى مِن القِدَمِ رأيتُه، ويدُ الصّومال رَاعشةٌ مُلَفْلَفاً في بقايا ثوبهِ الهَرِمِ سألتُ هَيْكَلَه العظميَّ فانْبَجَسِتْ من كلِّ مَفْصل عَظْمٍ صَرْخةُ الألَمِ لكنَّها صَرْخَةٌ جاءتْ مُهَشَّمَةً مخنوقةً، كَبَّلَتْها شِدَّةُ السَّقِمِ لولا بَصيصٌ من الصوت الهزيلِ سَرَى إليَّ من «نُقْطَةٍ» تُوحي بِشكْلِ فَمِ تقول: أين بنو الإسلام، كيف رَضُوا برؤيتي هَيْكلاً أمْسَى بلا حُلُمِ؟! لم يُسْرِجوا في دُجَى بُؤْسي مشاعِلَهم لكي تُبدِّد ما أشكو من الظُّلَمِ أَلَم يَرَوْا هَيْكَلِي، أضلاعُه رسمتْ أمامهم لوحةً تُغني عن الكَلِمِ؟! ألم يروا هذه الأشباحَ واهنةً وهم يجرُّونَ أثواباً من النِّعَمِ؟! إني لأسأل ربي أنْ يزيدهمو من فضله، فهو أهلُ الجود والكرمِ لكنني، وأنا والجوعَ في قَرَنٍ أدعو بني أمتي الأخيارَ، للشِّيمَِ أدعو، وقلبي هزيلُ النَّبْضِ، تُؤْلمني دقَّاتُه فهو نَبْضٌ غيرُ مُنْسجِمِ أدعو، وفوقي من التَّنْصير ألْوِيةٌ تقدِّم الخُبْزَ لي في كفِّ مُبْتَسِمِ أرى الصَّليبَ على قُرْصِ الدَّواءِ وفي كيس الرَّغيفِ وفي القرطاس والقلم أرى الصَّليبَ على سيارةٍ حَمَلَتْ إليَّ ما جاءَنا من هيئةِ الأُمَمِ وأمتي عند شاشاتٍ مُلْطَّخةٍ بما يُسيءُ إلى الأخلاق والقِيَمِ فما أرى أمتي إلا كبارقةٍ تلُوحُ لي في ركام الصَّمْتِ والصَّمَمَ أدعو بني أمتي، يا ليت غافِلَهم يصحو، ويا ليتَ عينَ الحُرِّ لم تَنَمِ