جزى الله خيراً أولئك الدعاة والمشايخ الذين يحافظون على ثوابت الدين، لكنهم يتجددون مع تجدد الحياة ومتطلباتها. فإذا تطور جانب من جوانب الحياة، تجدهم يمزجونه بالدين، مزجاً لا يؤثر على الأصول الشرعية ولا يتعارض مع الجانب الحياتي المتجدد. هؤلاء تعرفونهم، ولا داعي لذكر الأسماء، لكيلا يكون الأمر مزاجاً شخصياً. وفي المقابل، هناك من يظهر علينا كل يوم، ليغلق في وجوهنا، كل هواء نقي، ولا يُبقي لنا سوى منافذ ضيقة خانقة، على الرغم من أن الأصل هو التيسير وليس التضييق. في رمضان، تتسابق القنوات، لاستقطاب المشايخ لإحياء « نهارات « البث، بالأحاديث الدينية، أما الليالي، فلها أحاديثها الأخرى! وغالباً ما تكون أحاديث مشايخنا الكرام، مكررة كسابقاتها في الرمضانات المنصرمة، وكأن المسألة لا تتعدى تعبئة فراغات نهارية، ليس إلا. ونادراً ما نجد مَنْ يتحدث عن الحياة بمنظور فكري ديني متجدد، فيطرح قضايا هامة أو طروحات حساسة، تلفت نظر الناس إليه وتجعلهم يتأثرون به إيجاباً، فيغيرون من نظرتهم للواقع، خاصة أنه (أي الواقع) مشحون بمتغيرات تاريخية مصيرية هامة، تحتاج إلى من يحللها ويناقشها ويخرج منها برؤى ذات آفاق مشرقة. إننا في كل رمضان، لا نجد تغييراً في الخطابات الدينية الفضائية. الطرح هو. قصص تاريخية عن تفاصيل لا تتصل بحياتنا اليومية، ووقت يمضي وساعات محسوبة بالدولار!