تهدف إقامة النوادي الصيفية في جامعة الإمام إلى تعميق مفهوم نعمة الاجتماع في بلادنا لدى الناشئة، لأن نصوص الشريعة دلّت على أهمية الاجتماع وفضل الجماعة، وخاصة عند اشتداد الأزمات وحلول النوازل، ومن أهم ما يذكر به الشباب في هذه البلاد هو فضل هذه النعمة وبيان أهميتها لهم في حياتهم، ومن خلال المناشط العلمية والثقافية، تسعى الجامعة إلى تثبيت هذا المفهوم في نفوسهم لينشئوا عليه في حياتهم وينعموا به في مستقبل أعمارهم، وتكون كلمتهم واحدة ومحبتهم ظاهرة لدينهم ووطنهم وولاة أمرهم، والله - تعالى - قد ذكر أهل الإسلام بفضل هذه النعمة وأمرهم أن يتذكّروها على الدوام ويحافظوا عليها لأنه أمر الله الذي أمر به، كما قال جل ذكره: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } آل عمران (103).. ففي هذه الآية أمر الله بالاعتصام بالدين ولزوم جماعة المسلمين، ونهى عن التفرق في الدين والشذوذ عن جماعة المسلمين، فالشاب المسلم يسعى إلى تحقيق هذا الأمر الرباني، ويحذر من أن يكون سبباً في الدعوة إلى التفرق الذي نهى الله - تعالى - عنه، ثم ذكر الله بفضل نعمة الاجتماع لما فيه من الخير والمصالح الراجحة على المسلمين، وأن من يسعى إلى اجتماع الكلمة فإنه يسلك طريق الهداية التي توصله إلى ربه. وشبابنا اليوم في أمسّ الحاجة إلى تذكيرهم بهذا الأصل العظيم الذي قلَّ من يذكّر الناس به، لأن الشباب يواجهون في حياتهم تحديات متعددة من شأنها أن تصرفهم عن هذا الأصل الذي أمر الله به، وفي النوادي الصيفية المقامة في مناطق المملكة يتلقى الطلاب فيها بعض المناشط الدعوية والتوعوية في مثل هذا الموضوع، ويُذكرون أيضاً بما جاء في السنّة النبوية في التأكيد على هذا الأصل، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (من أراد منكم بحبحة الجنة فليزم الجماعة فإنّ الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد)، رواه الحاكم والبيهقي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفي الحديث الآخر: (عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة) أخرجه أحمد والنسائي، والأحاديث والآثار في هذا الباب كثيرة. وبهذا الفهم والإدراك تُهذب نفوس الناشئة على أن الاجتماع يدعو إلى التماسك والترابط، كما أن التفرق والاختلاف يدعو إلى الضعف والتفكك، ومن الحقائق الثابتة التي تُربى عليها قلوب الناشئة في هذا النوادي الصيفية، ما مَنّ الله به علينا في المملكة العربية السعودية من الاجتماع والائتلاف والسير على منهج السلف الصالح، وصحة الاعتقاد وسلامة التوحيد من كل البدع والشركيات، حتى كان من نتائج ذلك أن حفظ الله بلادنا من كل الفتن والصراعات والتفرق والاختلاف، وهذا كله بفضل الله ونعمته ثم بما يقوم به قادة هذه البلاد منذ عهد مؤسسها الملك عبد العزيز - رحمه الله - وإلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذين يقومون بواجب عظيم في نصرة الإسلام ونصرة السنّة ولزوم الاتباع. لا ريب أن الطالب الناشئ إذا تربى على هذه المفاهيم الأصيلة، فسوف يعرف قدرها وفضلها في مستقبل حياته فيحافظ عليها ويدعو إليها وينكر ما يخالفها ويضادها. * وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية