في العام 2006، أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على المنطقة الشرقية، لقب «منطقة الخير» بعد أن أطلق على أول بئر تفجر منها النفط بكميات تجارية في السعودية اسم «بئر الخير». اليوم، يُغير الملك عبد الله مسمى منطقة «رأس الزور» إلى مسمى «رأس الخير» لما يحمله «الاسم من دلالة وعمق في المعنى والمبنى» كما ورد في نص القرار. وكان الملك عبد الله، وبحكمته، وبُعد نظره، قد أمر بأن تُشرف الهيئة الملكية للجبيل وينبع على «رأس الخير» وأن تتولى مهمة إنشاء البنى التحتية في منطقة الصناعات التعدينية الجديدة، وبميزانية مستقلة، وهو قرار إستراتيجي يهدف إلى خلق التكامل بين المنطقتين الصناعيتين على ساحل الخليج العربي، ويحقق الاستفادة القصوى من خبرات الهيئة الملكية في إنشاء وإدارة المدن الصناعية. الاستفادة من تجارب النجاح أمر غاية في الأهمية، فتجربة الهيئة الملكية الناجحة في الجبيل، وينبع، حمل الحكومة على تطبيق نفس النموذج التنموي المُطبق فيهما على منطقة «رأس الخير». وفي الوقت الذي نجزم فيه بأهمية التستفادة من تجارب النجاح وتطويرها، نعتقد أن معالجة أخطاء التنمية وما ترتب عليها؛ لأسباب تنظيمية صرفة أكثر أهمية؛ فالكمال لله وحده، والعمل البشري، لا بد وأن يلحق به القصور وإن اكتمل!. وما حدث من فصل تنموي بين مدينتي الجبيل البلد والجبيل الصناعية كان من الأخطاء التنظيمية التي أضرت بمدينة الجبيل البلد وحرمتها من الاستفادة من وجود الهيئة الملكية للجبيل وينبع، وحركة الإعمار والتنمية الضخمة التي قامت بها خلال الثلاثين عاماً الماضية. ذلك الخطأ التنظيمي أدى إلى إحداث فجوة تنموية مهولة بين المدينتين المتلاصقتين، وساعد في تكريس الفصل بينهما، مما يُنبئ بحدوث كثير من المشكلات مستقبلاً. نطرح من جديد رجاء سكان مدينة الجبيل بضم مدينتهم إلى المدينة الصناعية تحت إشراف الهيئة الملكية للجبيل وينبع، أسوة بمنطقة رأس الزور، فتتوحد المدينتين تحت مسمى (مدينة الجبيل) وتحت مظلة إشرافية واحدة لضمان تحقيق التوازن الأمثل في التنمية، وردم الهوة التنموية بين المدينتين المُتلاصقتين، وإزالة جميع أشكال الفصل الخدمي التنموي والاجتماعي والثقافي الذي زاد من مشكلات الجبيل وسكانها. الفارق التنموي الكبير بين المدينتين المتلاصقتين يكشف عن عمق المشكلة التنموية التي تسببها المشروع حين فصل، عن غير قصد، بين المدينتين خدمياً، فجاءت النتائج قاصرة. أخطاء الماضي يمكن إصلاحها بسهولة إذا ما أُخذ بالمصلحة العامة لتحقيق العدالة الخدمية، وحضرت الإرادة، ووضحت الرؤية، وتم تذليل العقبات الإدارية التي تحول دون استفادة سكان مدينة الجبيل من منفعة الهيئة الملكية للجبيل وينبع ومشروعاتها الضخمة، وأهمها التطوير والتنظيم. الدمج بين المدينتين هو الخيار الإستراتيجي للمنطقة الصناعية وبيئتها المحيطة؛ وبه تتحقق المصلحة الوطنية، وكل تأخير في اتخاذ قرار الدمج سيقود إلى خلق مشكلات تنموية، بيئية، اجتماعية، وتنظيمية إدارية خطيرة ربما أثّرت سلباً على مدينة الجبيل الصناعية مثلما تؤثر حالياً في مدينة الجبيل. عوداً على بدء، فإطلاق خادم الحرمين الشريفين على المنطقة الشرقية لقب «منطقة الخير» كان مرتبطاً بخيرات النفط، التي أنعم الله بها على هذه البلاد وشعبها؛ ولعلي أشير إلى معلومة مهمة في رحلة البحث عن النفط في المملكة؛ وهي تَشَرُّف مدينة الجبيل بأن تكون أول مدينة سعودية (بلدة آنذاك) استقبلت فريق الاستكشاف الأميركي الذي استقر في الجبيل وفي «قصر برزان» ومنه بدأت رحلاتهم الاستكشافية التي توجت باكتشاف «بئر الخير» في العام 1938م. «الجبيل البلد» كانت مقراً لبعثات التنقيب عن النفط، ومنها انطلقت مدينة الجبيل الصناعية، وإليها عادت منطقة «رأس الخير» وضمت إلى الجبيل الصناعية تحت إشراف الهيئة الملكية، فلماذا يتم تكريس الفصل الكلي بين الجبيل البلد ومحيطها الجغرافي. الجبيل في حاجة لميزانية خصوصاً لردم الهوة التنموية وإلحاقها بالجبيل الصناعية أسوة بمنطقة «رأس الخير». الأمل والرجاء معقودان بالله أولاً، ثم بخادم الحرمين الشريفين الذي آل على نفسه القيام بعمليات التغيير الجوهرية، وتحقيق العدالة التنموية، ومعالجة أخطاء الوزارات والمؤسسات الحكومية. رجاء الجبيل بانضمامها تنموياً للجبيل الصناعية وبإشراف الهيئة الملكية، بات عُهدة الأهالي لدى ولي الأمر، خادم الحرمين الشريفين، ومن سواه بعد الله يُعقد به الرجاء.