إن اختيار المدينةالمنورة عاصمة للثقافة الإسلامية تأكيد على دورها الرائد في نشر العلم والمعرفة عبر القرون، وإن تاريخ المدينةالمنورة وارثها العظيم يحتم اختيارها عاصمة الثقافة الإسلامية فمنها شع نور الإسلام وعلى ترابها تأسست الدولة الإسلامية وانطلقت البعوث والجيوش لكي يحملوا للعالم أجمع نور الإسلام حين كان يغط في الجاهلية وتتقاسمه ديانات محرفة. إن هذه المناسبة فرصة لإبراز ما تحمله المدينة من إرث ثقافي وعلمي وإنساني والتعريف بالإسلام والدفاع عنه في وجه الحملات التي تراها بين فترة وأخرى تجاه الإسلام وسيد البشر النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - إن اختيار المدينة خطوة رائدة وان جاءت متأخرة، فالمدينة يجب أن تكون عاصمة دائمة للثقافة الإسلامية وغير محصورة في هذا العام لما تتمتع به من تاريخ عظيم فمنها انبثق نور الإسلام ووصل لكل أصقاع العالم وتملك تراثاً ثقافياً وعلمياً كبيراً بحاجة إلى إبرازه للعالم واستغلال هذه المناسبة بالشكل الأمثل في المصدر الأول للثقافة الإسلامية في العالم كله، وان تتواصل فعالياتها على مدار العام فهي تكتنز آثارا ومواقع شهدت أحداثاً تاريخية فكل موطئ قدم فيها مرتبط بحدث تاريخي وهي جديرة بالتوثيق. وقد كان القرآن ينزل على رسول الله في رحابها. إن المدينةالمنورة لها مكانة دينية في وجدان الإنسان العربي والمسلم عموماً حيث رسخت قيماً ومثلاً عظيمة وتضم بين جنباتها الكثير من المعالم والآثار، كما أنها فرصة لتحقيق الكثير من المخطوطات والكتب النادرة فهذه فرصة لحث الباحثين على العناية بتاريخ المدينة وحضارتها وتراثها وجبالها ومواقعها التاريخية التي تعد مكتبة تاريخية، فهذه الجبال كنوز معرفية وتراثية فهذه المناسبة فرصة لتنشيط البحث العلمي في جوانب عديدة تهم المدينةالمنورة والتعريف بالكنوز التاريخية والإرث الثقافي التي تحتضنها المدينة وإعطاء المدينة حقها كعاصمة أولى للإسلام ومهاجَر الرسول - صلى الله عليه وسلم -. ان المدينة تستحق عن جدارة أن تصبح عاصمة للثقافة الإسلامية فحضارة الإسلام تبحث من جذورها وآفاقها وأصولها ومن معين القرآن الكريم والسنة النبوية. ان الأمل كبير أن تنطلق هذه المناسبة بقوة وفعالية ولا تنتهي بانتهاء العام بل تظل دائمة تلامس قلوب المسلمين بإرثها التاريخي والحضاري والثقافي وأهل المدينة خير من سيهتم بذلك حيث نالوا شرف الزمان والمكان ووصفهم الله بما يليق بهم بقوله الكريم {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ}. والأمل بتجديد وإبراز هذه المناسبة التاريخية بما يليق بها، فالمدينة منطلق الحضارة ورمز للثقافة الإسلامية. (*) عضو جمعية التاريخ والآثار بجامعات دول مجلس التعاون