يرى بعضهم أن شعر الغزل (مغيَّب) والبعض الآخر يرى أنه (غائب) وهما رأيان تنحيهما رابطة تضاد وهنا نوضح الخطوط العريضة لحجج ومضامين أصحاب كل رأي على حدة: الرأي الأول: يقول أصحابه أنه (مغيَّب) بدليل عدم الاحتفاء به كما يجب وتهميشه لحساب أغراض الشعر الأخرى مما ساهم في أفول نجم حضوره في الشعر في الآونة الأخيرة. الرأي الثاني: ينفي أصحابه صحة الرأي الأول ويعيبون على من تبنَّوْه كمأخذ افتقارهم للدقة مؤكدين أن وسائل الإعلام المختصة بالشعر الشعبي لطالما أشرعت وتشرع الأبواب لتقديمه ولكن الإشكالية تكمن (في مستوى الشعراء من منظور نقدي) من خلال نصوصهم فليس كل الشعراء مهما أحيطوا بهالات الضوء بما فيها حناجر كبار الفنانين القادرين على الوصول لذائقة الناس الرفيعة، بل العكس (فإن الضوء يكشف الظلام) ومتى أبرزت هذه النصوص في النشر أو وصلت لأسماع الناس من خلال الفنان الموصل للجميع بعذوبة صوته الطربية - انكشفت مواطن ضعف هذه النصوص وأصبحت حجة على أصحاب القصائد وليست حجة لهم، وهذا الأمر حتى على المستوى العربي وليس المحلي فقط وعلى سبيل المثال أم كلثوم غنت أكثر من 375 أغنية وبرغم صوتها المتفرد لم نحفظ من أسماء شعرائها إلا قلة مثل محمود بيرم التونسي وإبراهيم ناجي وأحمد رامي وأحمد شفيق كامل ومرسي جميل عزيز إذا ما استثنينا شعراء الفصحى مثل الأمير عبدالله الفيصل وأحمد شوقي وأبي فراس الحمداني وأيضاً الفنان عبدالحليم حافظ وشعراؤه المتميزون كعبدالوهاب محمد ونزار والشناوي وصلاح جاهين، والأمر نفسه ينطبق على الفنانة فيروز وخلود الرحابنة في ذائقة جمهورها من خلالها كاستثناء - وبالتالي الشاعر الرائع لا يقدمه الضوء والهالة الإعلامية ولا تقدمه الأغنية بل يقدمه التميز أولاً وقبل كل شيء. وقفة: للأمير الشاعر عبدالله الفيصل رحمه الله: من تبدَّل بي تبَدّلته بغيره كل عينٍ تغلي المقفي عساها كل ما جاء الليل تسهر مستذيره عقب نور الشوف تطفا من عماها كان ما تدري ترى نفسي كبيره ما تذل لمْنَْ بحِْقْرانٍ نواها