عندما تقرأ الأرقام التي أنفقتها الأندية (الغنية) في الموسم الكروي الواحد على الفريق الأول لكرة القدم فقط دون غيره من الفئات السنية والألعاب الأخرى وأنها تجاوزت المائة مليون ريال وقد تصل إلى 150 مليون, وفي الوقت نفسه تقرأ عن الشح والمشاكل والأزمات المالية وتسمع عن المرتبات المتأخرة لأكثر من أربعة وخمسة أشهر, وأن هنالك مستحقات أخرى للاعبين ومدربين وعاملين مضى عليها ربما سنوات وما زالت مسجلة ديوناً على النادي, بين هذه وتلك يحق لنا أن نتساءل: طالما أن ميزان العجز الموسمي بهذا القدر فأين ذهبت عشرات الملايين؟ وأين الجهة الرقابية مما يجري؟ ولماذا لا تكون هنالك ميزانية سنوية واضحة وشفافة تحدد فيها بالضبط أرقام ومصادر الإيرادات وكيف وأين ولمن ذهبت المصروفات؟! الأمر لم يعد كما في السابق حيث كانت هذه الأندية تعتمد كلياً على تبرعات وهبات وهدايا ودعم أعضاء الشرف, وإنما أصبحت لديها اليوم شركات راعية تقدم لها سنوياً ما يقارب نصف ميزانيتها, إضافة إلى إعانة الرئاسة ودخل المباريات وأجور النقل التلفزيوني ومكافآت هيئة دوري المحترفين, وبالتالي لابد أن تكون الجماهير بمختلف شرائحها ومواقعها على علم تام بكل الأرقام من أين أتت وكيف أنفقت, وهذا بالطبع يساعد ويساهم ويلزم الإدارة على ضبط وتنظيم وتقنين المصروفات, بدلاً من أن تكون فوضوية عشوائية مزاجية مجهولة الكم والكيف كما هو حاصل حالياً. في ظل ما هو معمول به الآن من ضياع مالي في جميع الأندية بلا استثناء لن يكون لدينا احتراف حقيقي ناجح ولا عمل إداري مؤسسي قادر على توفير الظروف الإدارية والمالية المنتجة لرياضة متطورة ومؤهلة لتحقيق المزيد من الإنجازات والألقاب للكرة السعودية أندية ومنتخبات. ريكارد بداية جديدة لأننا اليوم أمام مرحلة مفصلية صعبة وحاسمة تمر بها الكرة السعودية نتيجة ما حدث لها من متغيرات مختلفة وتطورات قيادية وإدارية وهيكلية متسارعة, ولأن قضية المدرب تعد هي الأبرز والأكثر تأثير على الرأي العام الرياضي, وعلى حاضر ومستقبل المنتخب, من الضروري الإشارة إلى أن الأهم من كفاءة مدرب المنتخب هو كيف نتعامل معه, من حيث الاستقرار وإعطائه الوقت الكافي لتقديم ما لديه والاستفادة من خبراته وإمكاناته, والتاريخ يقول إننا تعاقدنا مع عشرات المدربين معظمهم يملك سيرة ذاتية مميزة حافلة بالنجاح التدريبي مع أندية ومنتخبات شهيرة ومعروفة عالمياً, لكن هذا كله لم يشفع لأحد منهم بالبقاء أطول فترة ممكنة من مدة عقده أو على الأقل بتجديد إقامته عاماً آخر. عن مدرب المنتخب الجديد الهولندي اللامع «فرانك ريكارد» سيكون الحديث عنه حالياً سواء معه أو ضده سابق لأوانه, أو بالأصح لن يكون منطقياً مقنعاً إلا بعد مرور الوقت الذي يسمح لنا بتقييم فكره وأدائه وأسلوبه ومنهجيته بطريقة منصفة وعادلة وصحيحة, الأمر الذي يجعلنا نطالب اتحاد الكرة بتغيير سياسته القديمة بأخرى أكثر هدوءاً وإلماماً وموضوعية, وأن يتعامل مع المدرب ريكارد وفق خطة وإستراتيجية بعيدة المدى, وذات قياسات فنية خالية من العواطف والانفعالات والقرارات المتوترة التي كان لها الأثر السلبي والمدمر على منتخبنا الوطني الأول في السنوات الأخيرة الماضية. في هذا الجانب وفيما أراه توجها جديداً من اتحاد الكرة وإيجابياً مهماً من سموه فقد شدني وأثار ارتياحي وإعجابي تصريح الأمير نواف بن فيصل بعد مراسم توقيع العقد مع ريكارد عندما شدد سموه على أمرين الأول استمرار المدرب حتى عام 2014م وربما إلى ما بعد ذلك في حالة تأهل الأخضر للمونديال القادم, أما الأمر الآخر فتأكيده على أن المدرب سيعمل باستقلالية كاملة وصلاحيات مطلقة في كل ما يتعلق باختياراته وبرامجه وقراراته الفنية طيلة سريان عقده. موقف بعد آخر يؤكد الأمير عبدالله بن مساعد أنه الرقم الصعب والعقل المدبر لمعظم النجاحات الهلالية.. وبالمناسبة يحتاج الوطن في غير الرياضة وفي أكثر من قطاع تنموي ومجال حيوي لإداري خبير ومتخصص ومتمكن بمستوى وعقلية ونزاهة الأمير عبدالله. إذاً هناك لقب لنجم الموسم فلن يستحقه غير الباذل المتفتح المتحمس للتغيير والتطوير الأمير نواف بن فيصل الذي صنع ورسم في فترة وجيزة العديد من التحولات المفيدة للرياضة السعودية. تدرون لماذا لم يحاربوا ويهاجموا الأمير فيصل بن تركي إلا بعد أن طارت الطيور بأرزاقها؟ لأنهم انشغلوا في وقت الجد والمثابرة بمطاردة وشتم وتشويه صورة ونجاحات غيرهم. كالعادة تألقت الجزيرة في تقريرها الموسمي وتفوق الزميل عبدالله المالكي بحصاد الحقائق والأرقام وأثبت الهلال أنه زعيم الجميع في كل الألعاب ومختلف الألقاب. مع احترامي للزملاء الآخرين, لا يوجد من يكتب عن الشأن النصراوي بثقة ومصداقية وإنصاف وشفافية مثل المبدع العقلاني الحصيف الزميل عبد الكريم الزامل. اقتصار حق التصويت في الانتخابات على 86 عضواً فقط دليل على أن الاتحاد كان وما زال وسيظل في أزمة ثقة وغوغاء وضوضاء وعدم استقرار.