هو عبدالله بن نويفع بن عليثة بن نافع الشاماني، من بني جابر، من ولد عبدالله، من بني عمرو، من حرب. والأويفة: تصغير آفة، لُقب بذلك لدهائه وقوة شاعريته، مع صغر جسمه. والتصغير في اللغة العربية كما يأتي للتقليل فإنه يأتي للتضخيم كما هو الحال هنا، ومثاله قول الشاعر العربي: وكل أناس سوف تدخل بينهم دُوَيهية تصْفرُّ منها الأناملُ ولد الشاعر عبدالله الأويفة في أول القرن الرابع عشر الهجري في بادية المدينةالمنورة، وعاش شطراً كبيراً من حياته قبل توحيد البلاد، حيث الاضطرابات والغارات والثارات، ثم أدرك ظهور الإخوان وعنفوانهم ضد خصومهم، ثم أدرك مرحلة الاستقرار والأمن في العهد السعودي الزاهر. وعاش حتى هرم وفقد بصره في آخر حياته، إلى أن توفي في حدود سنة 1387ه، رحمه الله وعفا عنا وعنه. اكتوى الشاعر الأويفة منذ نعومة أظفاره بنيران المعارك القبلية، ثم اصطلى بنار الإخوان، وكان شجاعاً لا يرف له جنان، ولا يرتخي منه بنان.. وله قصص كثيرة ومواقف طريفة لا يتسع المجال لذكرها، لكننا سنذكر بعضها.. فمن شعره الذي يدل على شخصيته الأبيَّة، وهمته العالية، حيث لا يقف في أمنياته عند مغريات الشباب والتغزل بالفتيات رغم ما يعانيه من ود معشوقته، لكنه يتمنى أن تكون له ذلولاً أصيلة توصله ببني عمِّه الذين ابتعد عنهم، وأصبح يتوجد عليهم ليل نهار، حيث يقول: يا من لقلب وَلّعه ود مخلوق توليع نارٍ ولِّعت بالفتيلة من شافها لا تأمنونه عن البَوْق والبَوق والله ما يعز القبيلة واليوم أنا حافي وفي رجلَيَّهْ ارهوق يا رب تعطيني من الهجن أصيلة مَيَّزت واليا كل مطرود ملحوق وان المنى زاد القلوب الهبيلة وانا هَوَاي الرَّبع حمَّاية النوق وان واجهوها في نهار الحفيلة عِزّي اليا من اعتزى كل صعفوق ثم ارتدى حظ الوجيه الذليلة أهل الدلال اللي بها البن مفهوق وابهارهن الهيل والجنزبيلة ومن قوله يصف شدة الحر وقسوة حياة البادية في وقته: سهيل والمرزم تجي له ملاهيب إن كان ما الله بَرّده بالخريفِ تلقى وسومه فوق عوج العراقيب اللي يشيلن القوِي والضعيفِ وانا إلْيَا شانت علَيّ المشاريب ازبن على ابن سعود والاّ الشريفِ قدَّامنا حي يويق المراقيب ولا بدّنا مما قِدِم، يا لطيفِ ومن شعره في المعاناة ما قاله يشكو من التناحر بين الأقارب، كما يشكو الدهر والجدب ويطلب المولى أن يبدل الحال ويفتح أبواب رحمته لعباده بإنزال الغيث، ويسمونه «الرجوع»، تفاؤلاً برجوع الأمطار والخصب والنماء، كما يشكو إرغام البادية على نزول الهجر الذي مارسه الإخوان في بداية توحيد البلاد، لكنه في آخر الأبيات يوصي ابنه عوض بالتمسك بالأخلاق الفاضلة؛ ليحافظ على سمعته؛ لأنه سيكون حديث المجالس إذا غاب عنها: من عَيّن الحِنّا لراسي بَعَد شاب من عَيّنه يا عارفين السنوعي اللي مشيِّبه الردَى بين الاقراب اشوف بعيوني وتوحي اسموعي لو الجماعة يا عوض قوم واصحاب القرم ما يرضى عليك الهزوعي اليوم ما يَمْلَى القدَح كل حَلاَّب والصقر يطرحه الحمار النكوعي الهجرة اللي كلها شر واسباب واللي حكم بالسيف حكمه يروعي وعزي لبيت ما يجَوَّد بالاطناب وعزي لمن جا بالمذاهب دنوعي لا بد من هَيْض المجالس ليا غاب وكثر العَمَس ما فيه غير الدموعي وله من شعر الرثاء قوله يرثي أخاه مُطَيراً: يا العين عَيَّنتي وديع الركايب نمر الفهود اللي يحوش الجميلة أنت ما عينتيه عساه طايب عقب غليلٍ بالحشا مستشيله لا والله الاّ من ترجَّاه خايب واللي يبي يرجيه واعزتي له وقال أيضاً في رثائه أخيه مطير مخاطباً إبله المسماة الظبيَات: راعيك يا ظبَيْة قعد في المداهيل في الوادي اللي مربعه ما يمِلْك حوزي عن الوادي وراعي جهاجيل وابكي على راعيك دقك وجلّك ومن ذلك أيضاً قوله في رثاء الشيخ راشد السحيمي شيخ السحمان، من عوف، من حرب، وكان راشد السحيمي قد سعى في إخراجه من سجن الأمير عبدالعزيز بن إبراهيم عندما غضب عليه وسجنه أيام إمارته للمدينة قبل سنة 1356ه: البارحة ثارت علَيّ الحلامي ومن عقبها كثرت علَيّ الهواجيس وجدي على راشد وجود الظوامي اللي عن الما مبطيات مساديس والله يا لو ان السحيمي اخمامي ما ابكي على راشد بعيد المناطيس اليا ركب في الجيش كنه اقطامي مدَرعات وكل ابوهن ملابيس وجدي على راشد وجود الظوامي ومن عقب راشد من يفك المحابيس وختاماً.. فإن هذه لمحات سريعة عن شجاع فاتك وشاعر مفوَّه، عانى في حياته شظف العيش ومرارة الحياة، عاش بعيداً عن الإعلام، فضاع معظم شعره، ولم يأخذ ما يستحقه من الشهرة. رحمه الله وعفا عنا وعنه. * الثروب: جمع ثرب، وهو مواضع تكاثر الشحم في الجسم. * النصوب: هو الذي يتزيَّن ويعتني بمظهره أمام النساء.