تعد الأسرة اللبنة الأساسية والرئيسة لنجاح الفرد بل المجتمع كله، ولا نبالغ إذا قلنا إن استقرار الأسرة نفسيا واجتماعيا وسلوكيا هو استقرار للمجتمع كله.. فالأسرة التي تستطيع أن ترتقي بأبنائها في سلم الإنجاز وتتمكن من حسن الإدارة في مملكتها الصغيرة فإنها بإذن الله تصنع مجدا للمجتمع بل للأمة جمعاء.. ولا يكون ذلك إلا من خلال تلك الأسرة المثالية التي اكتسبت المثالية من جميع جوانبها وأهم هذه الجوانب القدرة على كسب قلوب أبنائها وأسر احترامهم لها ولا يتسنى ذلك لأي احد مهما بلغ من المكانة سواءَ العلمية أو المادية.. فكم من الآباء وللأسف يملكون الشهادات العلمية العالية إلا أنهم لم يستطيعوا أن يملكوا قلوب أبنائهم أو أن ينجحوا في الرقي بسلوكهم وأهدافهم؟! وكم من أصحاب المال والثراء يندبون أنفسهم حسرة وكمدا على حال أبنائهم؟! إذا القضية تعود إلى فن التعامل مع هذه الفئة الغالية على قلوبنا وطرق تواصلنا معهم ومنهج التعامل بيننا وبينهم الذي يجب أن يكون قائما على استشعار المسؤولية وعلى الحب والعطف، والرفق واللين، والقدوة الحسنة القائمة على الاحترام والتقدير والبعد عن الاستبداد وفرض الرأي الواحد أو الظلم والإضطهاد القائم على السطوة والقهر وخصوصا في مقتبل أعمارهم.. (فالصغير يكبر والمظلوم لاينسى المظلمة).. نقول هذا لأن الابن يرى في والده أنه أعظم الناس وأحسنهم وأن مكانته فوق كل مكانة.. وهذه النظرة وهذه المكانة لها خطورتها، متى؟ عندما تختل هذه الشخصية في نفس هذا الابن وعندما تهتز هذه الصورة في نفسه فمن المؤكد أن في هذا مخيبة لآمال الطفل.. وبالتالي يفقد الوالد تقدير ابنه واحترامه ومن ثم توجيهه وتربيته عندها يصعب العلاج؛ لذا ينبغي لنا كآباء وخصوصا في هذا الزمن؛ زمن الانفتاح وعصر الإعلام والمؤثرات أن نحرص على أبنائنا أشد الحرص.. فأبناء اليوم ليسوا كأبناء الأمس.. علينا أن نبتعد عن لغة الأوامر والنواهي وفرض سياسة الأمر الواقع.. فالرفق ما كان في شيء إلا زانه والإحسان سبب لاستعباد القلوب، واللين والرحمة مفاتيح التوجيه، والعطف والحنان أسبابٌ للقبول (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واصفح..) الراحمون يرحمهم الرحمن.. والنبي صلى الله عليه وسلم قائد الأمة والمربي الأول لها قبًل الأولاد وحملهم، ولعب معهم، وسألهم وسألوه ،وكلفهم الأعمال العظيمة، ووثق بهم؛ فكانت نتيجة ذلك أن أخرج لنا جيلا ناجحا متميزا، أناروا الدنيا هدى ونورا ومنهج حياة.