جميعنا يعرف الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله -، فهو من أعلام هذا الزمان ولا شك، وقد كان له تقدير واحترام من المخالفين له قبل أتباعه، ومن ولاة الأمر، وقد دفعه امتيازه العلمي والمعنوي إلى اعتلاء القمة.. ولكن القليل منا يعرف تفاصيل حياة هذا العالم الجليل، وأنا من هؤلاء، ولكن لعل قصة صغيرة من حياته تعطي دلالات على شخصيته.. وهذا ما حدث بالنسبة لي، حيث إني ذات ليلة وأنا أشاهد قناة إسلامية «لا أذكر اسمها حقيقة» تحدث أحد طلبة الشيخ عن حياته، وشدتني قصة صغيرة عنه - رحمه الله - جعلتني أغرق فيما يحمله ذاك الإنسان من إيمان وحب وعطف وتواضع.. القصة هي أن الشيخ محمد كان معتاداً عند خروجه من بيته أن يأخذ شيئاً من الطعام لهرة تقف له عند باب البيت كل يوم، وقد اعتاد على هذا - رحمه الله -، وعوَّدها بالتالي على ذلك.. وفي أحد الأيام وقبل خروجه من المنزل بحث عن شيء يعطيه هذه الهرة، فلم يجد.. تخيلوا ماذا فعل؟.. أي إنسان سيقول إنه لن يفعل شيئاً، وسيخرج ويتناسى الموضوع لعدم أهميته أصلاً.. ولكن هنا يأتي الفرق الذي يميز الشموس عن بقية الكواكب.. ألا ترى كواكب السماء ونجومها؟ إن بعضها أكبر من الآخر ألف ألف مرة، ودائماً العظمة تكون امتداداً لموهبة من مواهب النفس وصفاتها الإنسانية، وهذا ما ميّز أمثال الشيخ - رحمه الله -، الذي آثر الخروج من باب خلفي حتى لا يلتقي تلك الهرة، ويرى علامات الحزن والانكسار في عيونها.. استحى منها.. لم يستطع أن يكسر بخاطرها.. سبحان الله.. قد تكون القصة لا تعني شيئاً عند البعض، ولكن أقسم بالله أن دموعي جرت على وجنتي.. وهي في هذه اللحظة تسيل حين تصورت عظم الموقف وإنسانيته.. دعوني أكفكف دموعي، وأدعو الله أن نكون على قدر بسيط من إنسانية ذلك الرجل العظيم.