أعداد كبيرة من المواطنين تدخل سنوياً لسوق العمل وهم بكل تأكيد من فئة الشباب الذين إذا لم ينشغلوا بما ينفعهم سيكونون عرضة للانشغال بما يضرهم ويضر المجتمع فضلاً عن هدرهم كطاقات إنتاجية استثمرت الدولة المليارات في تأهيلهم ليصبحوا موارد منتجة، ولا شك أنه من أعظم مهام الدولة توفير الفرص الوظيفية لهؤلاء المواطنين لاستثمارهم كموارد بشرية أولاً، ولتمكينهم من سبل العيش الكريم ثانياً، ولحمايتهم وحماية المجتمع من شرور البطالة ثالثاً. بعد أن نجحت مبدئياً خطط توطين الوظائف في توظيف أعداد لا بأس بها من المواطنين في القطاع الخاص ولكن الأعداد المتزايدة لطالبي العمل من المواطنين فاقت قدرات تلك الخطط مما أدى إلى إخفاقها تزايدت التساؤلات حول إيجاد حلول عملية ناجحة لمعالجة مشكلة البطالة وللجنسين معاً وعلى نفس الدرجة من الأهمية. وجاء برنامج «نطاقات» الذي يهدف إلى استخدام معدلات توطين الوظائف كميزة تنافسية بين منشآت القطاع الخاص تؤهل المنشآت الملتزمة والواقعة داخل «النطاق الأخضر» من الحصول على حزمة من التسهيلات والمحفزات، مما يسهل من معاملاتها العمالية ويعطيها المرونة الكافية لتحقيق مستويات نمو متصاعدة، كما يهدف البرنامج إلى خلق قدر من التوازن بين مميزات التوظيف للعامل الوافد والعامل السعودي من خلال رفع تكلفة الاحتفاظ بالعمالة الوافدة في المنشآت ذات معدلات التوطين المتدنية، وهو وإن تباينت الآراء بشأنه إلا أنه خطوة في الاتجاه الصحيح نتمنى لها النجاح. ولكن وبكل تأكيد أن هذا البرنامج لن يحقق أهداف توطين الوظائف منفرداً ما لم يُدعم ببرنامج موازٍ لتوليد الأعمال المولدة للوظائف، والمقصود بالأعمال هنا زيادة معدلات إنشاء الشركات الصغيرة والمتوسطة التي توظف في معظم الدول أكثر من 80% من القوى العاملة، وبرنامج توليد الأعمال الذي أُرشح وزارة العمل لإعداد إستراتيجيته بالتعاون مع وزارة التجارة ومجلس الغرف التجارية والهيئة العامة للاستثمار ووزارة المالية وما يتبعها من منظومة مالية بما في ذلك بنك التسليف والادخار نريد له أن يعمل على تنسيق الجهود وتوجيهها نحو أهداف واضحة لتوليد الأعمال المولدة للوظائف المناسبة للسعوديين من جهة كفاية الرواتب ومن جهة ملائمة الوظائف للعادات والتقاليد الاجتماعية في كل منطقة من مناطق المملكة. وأعتقد أن من أهم المجالات التي يجب أن يعمل عليها برنامج توليد الأعمال المولد للفرص الوظيفية للمواطنين السعوديين هو مجال الأنشطة المهنية التي يمكن أن تعمل الوزارة ومن خلال حملات إعلامية مركزة على ترسيخها ذهنياً كأعمال مفخرة مخصصة للسعوديين كما هو حال الحراسات المدنية حالياً، ذلك أن الطلب على خدماتها متزايد بتزايد السكان من ناحية ولأنها مجزية من جهة الإيرادات والأرباح من جهة أخرى، بل إنها بعضها يتطلب مهارات فنية يمكن تمييز المواطن السعودي بها بإعداده فنياً ومهارياً وسلوكياً من خلال برامج تأهيلية نظرية وعملية بالتعاون مع المنشآت القائمة التي يمكن تحفيزها للمساهمة في تأهيل السعوديين مهنياً على رأس العمل بمنحها نقاطاً تدفع بها إلى النطاقات الأمامية. أملنا كبير بالوزير عادل فقيه الذي مازج بين العمل الحكومي والخاص ما يجعله أكثر إدراكاً لهموم القطاعين وطرح الحلول الذكية التي تحقق هدفيهما بشكل آنٍ دون تغليب مصلحة طرف على حساب الآخر كما يخشى القطاع الخاص دائماً.