قدرنا في العالم العربي أن تمتلك «الشاشة الفضية» زمام الأمور في صنع أبجديات الحياة الاجتماعية والثقافية لدينا وخصوصا فيما يتعلق بترتيب الأجندة الشبابية، بمعنى اللي «نشوفه نطبقه»!! صحيح أننا لسنا الوحيدين في ذلك حيث تقول دراسة حديثة شملت «10 برامج تلفزيونية» لقيت رواجاً واسعاً لدى الجمهور البريطاني تأثر الشباب والفتيات هناك بالعلاقات والحميمية المقدمة عبر الشاشة لكننا في العالم العربي نبدو الأكثر تأثراً. لا أحب التكلف في الطرح ولندخل في الموضوع مباشرة حيث ترعرعت معلبات إنتاج «تلفزيون الواقع» في فضائياتنا وباتت أكثر من «الهم على القلب» لن أكون سوداوي النظرة وسأكتفي بالقول إنه وبسبب عرض هذه النوعية من البرامج انسلخت معظم قنواتنا من هويتها وأصبح العامل الرئيس «الجمهور عاوز كذا»!! والله يعين الجمهور الغلبان (اللي ما حدش) سأله أصلاً ولا جاب خبره! فلم تعد قنواتنا محافظة على نهجها التقليدي وبدأت «تعرج في مشيتها» محاولة اللحاق ببعض المتغيرات من حولها بنظام «حبة ونص وكله يبص» مستجيبة بذلك لاستحقاقات الاضمحلال الأخلاقي في برامج الواقع. ولا يزال المشاهد المسكين «من جرف لدحديره ويا قلب لا تحزن». سأركز الحديث عن إحدى المحطات التي تستهدف شبابنا حيث تجردت مؤخراً من كل أبجديات الأعراف والأخلاق الإعلامية وبدأت في بث برنامج «القُبلة الأولى» بنسخته الإنجليزية «وكأنها ناقصة قُُبل في أفلامها أصلا»!! البرنامج يعرض في وقت متأخر من الليل وبواقع حلقة في الأسبوع «يعني اللي علينا سويناه جبناه تالي الليل»!! المصيبة أنه يتم عرض البرنامج دون تعديل أو حذف للمشاهد الساخنة وبترجمة مخجلة لكل العبارات «الخادشة للحياء» فيه!! حتى أن المترجم «بلش» في بعض المصطلحات فهو يترجمها بلهجته «العامية العربية» مما جعل الأمر أكثر سوءًا «وشر البلية ما يضحك». باختصار البرنامج «انحدار في واقع البرامج» ويهدم الأخلاق في أكثر المجتمعات تحررا وانفتاحاً فكيف بمجتمعاتنا!! فهو برنامج جديد تتنافس فيه «ثلاث فتيات» على جذب «شاب» بالرومانسية والإغراء و»مواعدته» في عدة عواصم عالمية وفنادق شهيرة «لتبادل القبل» برفقة الكاميرا التي تعمل «sign off» في اللحظة الأخيرة عشان ما تطلع فضايح جديدة وبعد سلسلة من الحلقات وتصويت المشاهدين وترشيحهم «أي الفتيات كانت الأكثر إغراءً» يقرر الشاب من تخرج وهكذا. فوراً تذكرت «نزار قباني» وقُبلته التي فجرت الدنيا حينها عندما قال: القُبلة الأولى عامان.. مرا عليها يا مُقبلتي.. وعطرها لم يزل يجري.. انتظروا برنامج القبلة الأولى «بنسخته العربية» ولن نحتاج لعامين مثل نزار!! فسنكتشف «العطر النتن» للقبلة مع أولى حلقاته!! وعلى دروب الخير نلتقي.