إنّ لأحلام الملوك تأثيراً في مسيرات الأمم. فالملك الصالح يسعى إلى قيادة أمته إلى مصاف حضارية متقدمة. وبعدها تبقيه مآثره ما بقيت صروحاً شامخة عبر التاريخ. وعندما تتحقق أحلامه, فإنّ أجيالاًَ بأكملها تقطف ثمارها, فحجم المنجِزين وإخلاصهم ووفاؤهم لأوطانهم يوازيه حجم الإنجاز والفرق الذي يصنعونه, ومن ثم يعكس ذلك مستوى المنزلة التي يسكنونها في قلوب وأفئدة مواطنيهم. لذلك, فإنّ قائدنا - حفظه الله - اتخذ التواضع والثقة بالنفس والثبات وتذليل الصعاب والتخطيط لمستقبل مضيء منهجه وهدفه المنشود. ولإيمانه بأنّ الاستثمار في التعليم هو استثمار في بناء مستقبل الأمة وهو الذي يحفظ لها مكانة بارزة بين الأمم الأخرى, بدأ بالعمل على إعادة الريادة العلمية العالمية للعالم الإسلامي. إذ همَ في تطوير التعليم العالي حتى تناثرت الجامعات والكليات في جميع مدن وضواحي وأرياف المملكة. إلاّ أنّ الحلم الأهم الذي راوده لأكثر من عقدين كان تزويج العلم بالتقنية ليولد عنهما نواة للتعليم التطبيقي, والذي يعتبر صمام الأمان والمحرك الرئيس لاقتصاديات الدول. فإنشاء جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية التي أصبحت بحق درة الساحل الغربي ل(الجزيرة) العربية ومنارته للعلم والمعرفة. فباتت محط أنظار العالم وحاضنة للدارسين والباحثين والعلماء من شتى الجنسيات. ولما للمرأة لديه من مكانة رفيعة, كيف لا وقد باح بمشاعره الأبوية تجاههن بأنه لم ير منهن سوى الخير ورغم ما كان يعانيه من ألم, فقد حظيت بناته الطالبات بنصيب الأسد من أحلامه المتحققة. وذلك بعد أن أطلق جامعة اُعتبرت أكبر مؤسسة تعليمية متكاملة للبنات في العالم, ووفقاً لأحدث المواصفات والمعايير البيئية والفنية (جامعة الأمير نورة بنت عبد الرحمن). وهو - حفظه الله - بذلك قد افتتح بوابة المرأة السعودية للانطلاق عالمياً، ووضع هذا النوع من التعليم على أعتاب مرحلة مفصلية تاريخية قادمة تضطلع النساء السعوديات خلالها بدورهن الكامل في المساهمة الإيجابية والفعّالة التي يستكملن بها العمل الجاد جنباً إلى جنب مع أشقائهن الرجال بإخلاص لبناء مستقبل الوطن. ومن جهة آخر, فإنّ قيادتنا قد وضعت بالمضي على هذا النهج النقاط على الحروف وسمت الأشياء بمسمياتها ورسمت طريقاً أوصدت به الأبواب أمام مدعي الانتقاص من شأن المرأة وحقوقها في بلدنا الحبيب. فعندما تتحدث الإنجازات, يسكت الناعقون والمشككون. والأيام القادمة ستشهد المزيد من العطاء بإذن الله.