يمثل الشيخ عبدالله ابن خميس أحد القيم الثقافية والأدبية الكبرى، وتأتي هذه القيمة من خلال المسارات المعرفية والإدارية التي تكوَّن من خلالها، فهو ابن المؤسسة الإدارية باعتباره وكيلا سابقا لوزارة المواصلات، وهو ابن الإعلام، باعتباره ضمن المؤسسين لمساراته صحفيا وإذاعيا، وهو ابن القصيدة العربية الأصيلة باعتباره أحد الشعراء البارزين، وهو ابن الإدارة الثقافية باعتباره أول رئيس للنادي الأدبي، وهو ابن التأسيس الثقافي باعتباره مثقفا فاعلا على مستوى الأسرة، حيث جاءت أسرته متميزة من حيث العطاء الفكري، وهو ابن التواصل السعودي العربي باعتبار صلاته الثقافية في المجامع العربية، وما زلت أذكر أحد زائرينا من المثقفين العراقيين، وهو يقول إنه يستمتع بالنمط العربي الفخم حين يستمع إلى القصائد ملقاة بصوت الشيخ ابن خميس. وأما على مستوى النادي، فهو أول رئيس له، وكان آخر تكريم يلقاه الشيخ هو الذي نفذه النادي، من خلال الليلة الكبيرة التي نفذناها بالشراكة مع صحيفة الجزيرة، وتحت رعاية معالي وزير الثقافة والإعلام وحضوره، حيث شارك النادي بكلمة، ثم كلمة الأستاذ خالد المالك، ومعالي الدكتور محمد السالم، والأستاذ الدكتور عبدالرحمن الأنصاري والأستاذ الدكتور سعد البازعي والأستاذ عبدالرحمن الراشد والأستاذ عبدالله الماجد وقصيدة للشيخ عبدالله بن خميس ألقتها حفيدته: منيرة الخميس، ثم كلمة راعي الحفل معالي الدكتور عبدالعزيز خوجه. والعزاء في وفاته للوطن والقيادة ولأسرته، والدعوة صادقة للجامعات والمؤسسات الثقافية بأن تعود إلى إنتاجه بالدرس والتحليل والدراسة، وأن تتم استعادته بإعادة طباعته، ودراسته على مستوى وعيه بالقصيدة العربية والنبطية ورحلاته ومشاركاته اللغوية والإعلام. الإعلامي الدكتور سامي المهنا: جيلنا سيظل يتذكر ابن خميس بشيء من العرفان كرائد من رواد الصحافة. لقد كان الفقيد عبد الله بن خميس موسوعيا ومتخصصا في آن واحد فهو المثقف الذي تجده في كل مجال لكنه أيضا المتخصص الدقيق في أنساب قبائل الجزيرة وجغرافيتها وتاريخها حيث قدم للمكتبة السعودية خاصة والعربية عامة حيث قدم عبر أكثر من خمسة وعشرين مؤلفا منظومة متكاملة حيث رصد جبال الجزيرة وأودية الجزيرة العربية وجبالها ورمالها في عدد من مؤلفاته في اطار سياق تكاملي وهذا أمر يدل على عشق الرجل للبحث والصبر على التأليف فيما يفيد وقد عرف عنه أنه كان رحالة فلم يكتب إلا عن مشاهدة حتى قيل: إنه ربما لا يوجد شبر في أرض الجزيرة لم تطأه قدم ابن خميس. ونحن الإعلاميين السعوديين -من جيلي- نتذكر ابن خميس بشيء من العرفان والإجلال كأحد مؤسسي الصحافة السعودية ورائد الصحافة في منطقة نجد من خلال تأسيسه لمجلة «الجزيرة» التي تحولت فيما بعد إلى صحيفة الجزيرة اليومية التي نعرفها ولم تكن مرحلة التأسيس سهلة حين أسسها ليس على صعيد البحث عن المعلومة بوسائل بدائية ولكن مرورا بالإخراج والطبع فقد كانت رحلة من المعاناة استحقت ان يطلق عليها مهنة المتاعب لكن ابن خميس وأمثالها صبروا عليها ووضعوا لنا البدايات التي مشينا عليها. وستظل بلادنا ولادة كلما غاب منها مبدع أنجبت مبدعين رغم أننا فقدنا قامات لن تعوض بسهولة ولكن مالعمل والموت قدر الله الذي لا مفر منه وكل يوم نفقد عزيزا ولكن هناك من لا يحس الناس بموته أو بحياته وهناك من يصدق عليه قول الشاعر وما كان قيس هلكه كلك واحد..... ولكنه بنيان قوم تهدّما.. لكن غياب ابن خميس وأمثاله من المفكرين والمبدعين لا يمثل إلا الغياب الجسدي فهم موجودون بعطاءاتهم وإبداعاتهم الخالدة ونأمل من الأجيال الجديدة أن تأخذ منهم القدوة حتى يكون هناك تواصل إبداعي يكمل فيه الأبناء والأحفاد ما بدأه الآباء والأجداد فرحم الله عبد الله بن خميس وأسكنه فسيح جناته وعزاء مخصوص لأبنائه وذويه ولاسرة الفكر والإبداع في المملكة عموما ونسأل الله له الرحمة والمغفرة. د. عبدالله الوشمي