(يجب النظر إلى اليدين النقيتين، لا المليئتين) -حكمة عالمية- فعل خيراً كبيراً مجلس إدارة مؤسسة «سعفة القدوة الحسنة» حين أصدر جمعية أهلية للشفافية والنزاهة من أهدافها نشر ثقافة النزاهة في المجتمع وأوجد جائزة القدوة الحسنة. فمهمة التوعية بالنزاهة لا تقل أهمية عن محاربة الفساد لكن الأمر يبدو بمثابة الوقاية التي هي أنجح من العلاج. إن تعقب المفسدين ومكافحة الفساد مهمة صعبة، لكن كيف تنجح في بناء قيم فاضلة ومبادئ سامية كالصدق والشفافية والنزاهة مع نفسك قبل أن تكونها في عملك!!.. الكارثة أن القيم في ظل هذا الزمان لم تعد قيماً، فالكذب صار له ألوان وأصبحت له مبررات ولم يعد الاعتراف بالخطأ فضيلة، وكأننا نعيش في فوضى القيم. إنّ سعي الجمعية لإقامة ندوات ودورات ومحاضرات لتوعية أفراد المجتمع، وتحديداً تعاونهم مع وزارة التربية والتعليم أجده من أقوى الوسائل لنشر قيم الشفافية والنزاهة، فالقيم التي تؤسس في الطفولة ليست مثل القيم التي تبنى بعد أن اكتملت شخصية الإنسان. ولكن الإشكالية أو وزارة التربية والتعليم نفسها مثقلة ولدى بعض معلميها أزمة في الشفافية، فالمعلمون إما متشددون في الدين بما ينفر الصغار منهم أو مهملون متكاسلون عن أداء رسالتهم.. وأداؤهم تقليدي يستهدف الأجر المادي -إلا من رحم ربي-. المعلمون والمعلمات الذين يدركون خطورة دورهم التربوي وقوة تأثيرهم في عقول ووجدان الطلاب الصغار.. والمراهقون موجودون بالتأكيد ولكنهم فيما أعتقد قلّة على أني أتمنى أن أكون مخطئة. لذلك أتمنى على جمعية النزاهة أن تنفذ برامجها عبر منسوبيها الذين إن إرادت لهم النجاح عليها أن تعنى بتدريبهم مهارات الإقناع والقدرة على تغيير السلوكيات بدءاً من تعديل الأفكار. ولأن المؤسسة معنية بنشر ثقافة وقيم الشفافية والنزاهة بين المجتمع ومؤسساته وليس من مهماتها الرقابة على المؤسسات سواء الحكومية أو الخاصة، فهذا سيجعل تركيزها أكبر على مهمتها التوعوية والتي هي من أسمى المهمات وأصعبها؛ فإن تبني الضمير في هذا الزمن ليس عملاً سهلاً وإنما بطولي يحتاج منا جميعاً أن نسانده بما نستطيع لأن ذلك سينعكس على مستقبل جيل بأكمله. [email protected]