لابد أن تدركا أيها الزوجان الإيجابيان أنه لكي ترفرف السعادة عليكما فلابد من الإيمان بهذه الركيزة والتي مفادها: «أنكما أنتما المسؤولان عن التغيير الإيجابي في حياتكما». وثمة معانٍ في هذه الركيزة يطيب لي أن أوضحها لكما: * إن حياتكما بأيديكما لا بيد الآخرين، وبالتالي فهي تستحق أن تبذلا لها الكثير والكثير، من التفكير الهادئ والتخطيط والتنفيذ بما يعود عليكما بالنفع والخير، وبالتالي فلا تتصورا أن هناك من يمكن أن يقوم بالنيابة عنكما في أمر تصحيح أوضاعكما للأفضل. فمن خلال عملي كمستشار في شؤون الأسرة، أستقبل اتصالات عديدة يطلبُ أصحابها حلولاً لمشاكل معينة حصلت معهم، ومن ثم أقترح عليهم الحلول المناسبة، وفي كل حالة يرى المتصل أو المتصلة أن الحلَّ المقترح صعب التنفيذ، ثم أقترح عليه حلا ثانيا!! وأيضاً يرى فيه مثل ما رأى في الأول بأنه صعب التنفيذ، وثالثاً وهكذا حتى يجعل كل الحلول المقترحة مغلقة!! فتأملت مليَّاً في الأمر، وتوصلت إلى أن هؤلاء المشتكيّن لا يرغبون في بذل أي جهد لتغيير حياتهم للأفضل وحل المشكلات التي تواجههم. هنا تتضح أهمية هذه الركيزة، فهذه حياتكما، وأنتما المسؤولان عن التغيير فيها بما يحقق لكما فيها السعادة. نعم، يمكن أن تستفيدا من المستشار أو المدرب أو القاضي أو إمام المسجد أو صديق مقرب أو نحو ذلك في طلب نصيحة أو مشورة، ولكن لن يُفعِّل هذه الحلول المطروحة من قبلهم في حال وجود إشكال ما إلا أنتما. * إن في الحياة الأسرية تغيراً وتغييراً، عليكما بالسماح للإيجابي منه والحذر من السلبي. ومن الطبيعي أن أي تغيير يحدث في حياتكما لابد أن يتطلب منكما بذل جهد في التكيف والتأقلم معه، كي يتحقق النجاح والاستقرار في حياتكما. * من أسس النجاح والتفوق في اعتقادي هو أن تتحملا مسؤولية أو قدراً من مسؤولية التطوير والتغيير في حياتكما، وما أجمل ذلك الخطاب النبوي الذي تحدث فيه عن المسؤولية بشكل رائع، فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كلكم راع ومسؤول عن رعيته: فالأمير الذي على الناس فهو راعٍ عليهم، وهو مسؤول عنهم. والرجل راعٍ على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم. والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسؤولة عن رعيتها. والعبد راعٍ على مال سيده، وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته)، وفي هذا الحديث عموم المسؤولية، حتى إن الإنسان مسؤول عن نفسه، يأمرها بطاعة الله وينهاها عن معصية الله، وإن من طاعة الله أن يسعى الإنسان إلى تغيير ذاته إيجابياً. فيا -أيها الزوجان السعيدان- حاولا أن تتغيَّرا إيجابياً بم يحقق لكما مزيداً من التقارب والتلاحم والتفاهم في حياتكما، وتحملا مسؤولية ذلك وأنتما لها أهل. وفي حقيبتي التدريبية عندما أطرح على المتدربين هذه الركيزة أوضحها لهم كمن يحمل معه مجموعة من المفاتيح فأطرح عليهم هذين السؤالين وأنا أحمل مفاتيحي في يدي: 1- من الذي يحمل هذه المفاتيح؟ 2- ومن الذي يختار المفتاح المناسب منهم؟ إنه أنا، ولا أحد غيري!! وهكذا أنتما اللذان تحملان مفاتيحكما، ولكن عليكما اختيار المفتاح المناسب وتحريكه بالشكل المناسب لتحصلا على التغيير المرغوب. *** وبعد أن تقرر الآن أنكما أنتما المسؤولان عن حياتكما، هذا من شأنه أن يجعلكما أكثر حرصاً على تطوير ذاتكما، فشجعا بعضكما وسهلا على نفسيكما المضي قدما فيه، ورتبا أمركما إن كان لديكما أولاد ومسؤوليات، بحيث تتناوبان على حضور ما يساعدكما على تحقيق التغيير الإيجابي في حياتكما.