وصل بي التفكير إلى حد الجنون، حاولت أن أصل إليهم ولكن دون جدوى، أشتقت لرؤيتهم أريد أن أحضنهم وأقبّلهم وأداعبهم، لن أتخلى عنهم ومازلت أنفق عليهم ولكن مشكلتي بأن والدتهم حرمتني من رؤيتهم مايقارب عام كامل حتى في مناسبات الأعياد، ولا أعلم ماهي الأسباب ولماذا حرمت من رؤيتهم، ولا أعلم ماذا يلبسون وماذا يأكلون وكيف ينامون هل هم في سعادة أم في شقاء! في كل يوم أنظر إلى صورهم في هاتفي المحمول وقلبي يعتصر ألماً وحسرة، أتخذت قراري مؤخراً بتوكيل محامياً لرفع قضية على والدتهم بعد نصيحة بعض المقربين مطالباً بحقي في رؤية أطفالي وفي حضانتهم الشرعية، ولكن هل يعقل لكي أرى أطفالي لابد أن أذهب إلى المحاكم أو أقسام الشرطة! بهذا الفكر الحائر والنبرة الحزينة والتساؤلات المتبعثرة كان هذا الحديث لأحد الزملاء عندما بدأ يحكي معاناته مع طليقته ومع أهلها بقصة أشبه بالخيال بالرغم من أنهما من نفس العائلة، وكيف حرم من رؤية أطفاله حتى في نهاية كل أسبوع، فقد حاول مراراً وتكراراً أن لا تصل الأمور إلى أبواب المحاكم وأقسام الشرطة خوفاً على مصحلة أطفاله وحرصاً على سمعته، ولكن دون فائدة فهو لم يطلب سوى حقه الشرعي في رؤية أطفاله الثلاثة والذين لم يتجاوز أكبرهم السادسة من عمره. بالطبع هذه الحالة ليست الفريدة أو الوحيدة من نوعها في مجتمعنا التي تحدث بين طليق وطليقته، فقد أصبحت هذه الحالات شائعة ومتعددة في حرمان الأب أو الأم من رؤية الأطفال بدون سبب شرعي، كما أن هناك من الأباء أو الأمهات بعد الطلاق من يتجاهل هؤلاء الأطفال تماماً وكأنهم لايعنون له شيئ ويبحث عن سعادته ومصلحته الشخصية دون النظر إلى مسؤولياته تجاه أطفاله بعد الطلاق ويعتقد بأن مسؤوليته تجاههم تنتهي مع صدور صك الطلاق، وعلى الطرف الآخر تحمل المسؤولية الكاملة في التربية والرعاية والأهتمام، وعلى النقيض تماماً يرى البعض منهم بأن الأطفال ملكه وحده فقط وليس للطرف الآخر أي حق في رؤيتهم أو حضانتهم أو رعايتهم ويصل الأمر احياناً إلى تشويه سمعة الأب أو الأم أمام الأطفال ووصفه بأبشع الصفات. عندما يكون الطلاق أو طلب الخلع والإنفصال هو القرار الأخير في حياة الزوجين فإنه يجب عليهما تحمل تبعات هذا القرار إذا كان لديهما أطفال وعدم التخلي عن مسؤولياتهم تجاه أطفالهم، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ولابد منهما التضحية في سبيل تربيتهم التربية السليمة، نظراً لأن مسؤولية التربية تزداد صعوبة على الطرفين بعد الطلاق، فتخلي الأب والأم عن دورهم في تربية أطفالهم ستنعكس نتائجها السلبية على شخصية الأطفال وعلى سلوكهم ومستوى تفكيرهم وتحصيلهم الدراسي أولاً ومن ثم على مجتمعهم ثانياً وسيخرج لنا جيل من الشباب والفتيات يتصف بشخصيات محطمة يائسة وفاقدة للثقة، أو جيل يتصف بسلوك عدواني ومنحرف لاقدر الله، إلا ما رحم ربي. من أجل مصلحة الأطفال وحرصاً على مستقبلهم وتنشأتهم تنشئة سليمة قدر المستطاع، على كل أب وكل أم بعد الطلاق المشاركة في المسؤولية وأن يقوم كلِ منهم بدوره على أكمل وجه وإعطاء الصورة الإيجابية للأطفال عن شريك حياته السابق مهما بلغت الخلافات بينهما مبلغها وعليهما أن يتذكرا دائماً قول الله تعالى ]ولاتنسوا الفضل بينكم[ وليعلم كل طرف بأن أسباب الطلاق وحقيقته مهما حاول أي طرف اخفاؤها أو تشويه سمعة شريك حياته السابق فأنها ستنكشف وتتضح مستقبلاً لهؤلاء الأطفال يوماً من الأيام لا محالة.