عبد الله المغلوث قلمٌ له نكهته المميزة، ولإبداعه ذوق لا يستطعمه إلا من أدرك قيمة الكلمة، وعاش في محرابها، ليس على صعيد رقة العبارة ورشاقتها وعذوبة الأسلوب، ولكن من حيث الجوهر والمحتوى؛ فهو يرغمك على القراءة مهما كان الموضوع بعيداً عن اهتماماتك. طلع علينا عبد الله أخيراً بثلاثة كتب، كل واحد منها عالَمٌ مستقل بذاته، الرابط بينها هو عبد الله المغلوث باسمه وأسلوبه، لكن مواضيع كل كتاب تذهب بالقارئ إلى عالم من نوع خاص. الكتاب الأول حمل عنوان مضاد حيوي لليأس، وجمع بين دفتيه قصص نجاح لسعوديين تغلبوا على ظروفهم، ووصلوا إلى أعلى درجات النجاح بجدهم واجتهادهم مخالفاً بذلك تقاليد كثير من الكُتّاب الذين اعتادوا الكتابة عن أديسون أو طاغور وأقرانهما، وليس عن نماذج من بيننا نعيش معهم ونتقاسم كل مفردات الحياة. وقد نقب في المجتمع باحثاً عن هذه النماذج المشرقة ليروي عن ستة وعشرين نموذجاً، كل منها نبراس وقدوة. أما كتابه الثاني فقد خصصه لنقد الظواهر الاجتماعية وحمل عنوان (كخه يا بابا)، الذي نفذ في محتواه إلى أعماق كثير من الظواهر السلبية في حياتنا ناقداً وفاحصاً ومقدماً الرؤية البديلة. أما الكتاب الثالث فقد حمل عنوان (الصندوق الأسود)، وهو اسم لا يتطابق مع المحتوى؛ فقد جمع درراً من الأدب السعودي من خلال تقديمه وحديثه عن وجوه مشرقة من المبدعين الذين يصنعون الفرح في حياتنا. هذه الكتب سبق أن قرأناها في مقالات عبر العديد من الصحف السعودية اليومية، لكننا نعود ونقرؤها اليوم ولا نملها، وربما أدرك عبد الله بحاسته المميزة وبشفافيته الجميلة مدى حاجتنا إلى إعادة قراءته؛ فجاد علينا بهذه الإصدارات الرائعة.