هي الكلمة الحق التي أفضى بها أميرنا الغالي سلمان بن عبد العزيز الذي هو مدرسة في الحكمة، والوسطية، والعدل، والحزم بما شهدنا عليه، ولم نأخذه عن الآخرين فقط.. وفي جمع من العلماء والأكاديميين، وقادة الفكر والتعليم والثقافة بالجامعة الإسلامية، جلس فأدلى، وجمع فأوعى، واختصر فأوفى حديثا عن دولة الإسلام حين اختار لها الله سبحانه وتعالى خير أمة فأخرجها للناس، وخصها بآخر رسالاته، وبأحب أنبيائه ورسله ختم بها ديانات السماء، فأتم بها المنهج والشريعة وأكملها بارتضائه لها على أرض النبوة في مكة, ومن ثم في المدينة ليكون منهج العدل والوسط وعدم الإفراط والتفريط، ووحدة اللسان، ومعقد القلوب، وتداعي أعضاء الجسد، ولا فرق بين عضو فيه والآخر إلا بالتقوى.. هذا المنهج الإلهي قال سلمان بن عبدالعزيز إنه ظل ديدن التأسيس لدولة الامتداد المتصلة بالأصول، الملتحمة بالأركان، المنفذة لشرع الله، المقتدية برسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، المهتدية بكتابه القرآن المنزل بلغة عربية فصيحة ولسان مبين.. ولقد تواصل النهج، واستمر المنهج إلى اليوم، منذ وقف الملك عبد العزيز رحمه الله، في مكة في العام 1344، وفي المدينة عام 1346 ليؤكد أن هذه البلاد دعائمها دين الله الإسلام، ومنهجها سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ودستورها القرآن، وقانونها منهج التثبيت للأصول، والنهوض بالمنهج، والنماء بالإقتداء، والتحديث بالتفقه فيما ينفع العباد, ولا يمس الأصول والدعامات، أمة وسط لا إفراط في تشريعها ولا تفريط. والأمة الوسط لا عصبية فيها لعرق، ولا ميل فيها لقبلية، ولا حمية فيها بجاهلية، ولا إجحاف فيها لحق.. فمن يصيب فله أجران، ومن يخطئ فله الأجر، منها ما وعد الله به، فالاجتهاد لبلوغ مرضاته، وما كان للإنسان فالاجتهاد بالتوجيه لبلوغه، لا ضلالة مع الهدى، ولا تجاوز مع التقوى، ولا ميلا نحو كفة أو أخرى بمغالبة الهوى.., ومن غلب عليه هواه فالدين النصيحة فينصح، ومن ثبت على الجادة فيما يجتهد فله الثناء، وبه الإقتداء، كما قال سلمان بن عبدالعزيز، مدرسة في الخبرة، وأي مدرسة. لذا دام لهذه البلاد علمها وعلماؤها، فهم أئمتها يحكمونها بشريعة الله تلك، ويسيرون أمورها وفق مقتضى أحكامها وتشريعاتها، وجزاءاتها وعقوباتها،.. وأمة هو ذا معقد أمرها، لا شك أنها في كنف الحافظ الأمين، يشد عضد أفرادها كبرا وصغيرا بتوفيقه, وتسخيره، ورضاه، وقدرته.. كلمة ضافية أبانت السياسة في النظام، والنظام في سياسة التعامل، والقناعات، والتوطيد، والتأهيل، لأن تبقى هذه البلاد على الأرض، معقل الإسلام قولا وفعلا، ومنهاجا وأنموذجا...ينطلق قادتها، وعلماؤها، ومواطنوها, من هذا المعين، ويصبون فيه، ويرجع أبناؤها إليه ويستقون منه، تبادلا واعيا مقصودا به وجه الله، وإعلاء التوحيد به تعالى، وإظهار شريعته على الأرض... منهج النور المبين، في بلاد تتجه لها الجبهات كلما أنَّ في الصدور خافق الدعاء، وكلما حنَت الجباه للركوع والسجود لله تعالى.. بارك الله فيمن تحدث وأفضى، وفيمن أوضح فأرضى، وقلوبنا جميعنا ترجف من هول ما اعترى الدول الإسلامية بالاسم لا بالفعل، من مغبات التخلي عن الكتاب الإلهي العظيم دستورا، {وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.., ومن التفريط أو الغلو. جاءت كلمة سمو الأمير سلمان في وقتها، تطمئن من جهة لديمومة التمسك بشريعة الله دستورا ومنهجا ومعينا، في زمن حورب فيه الإسلام من كل الجهات، خاصة من أهله، ومن جهة أخرى تنبه إلى لحمة هذه البلاد المترابطة بعقيدتها، على اختلاف المواقع، والأنساب، والاتجاهات، والأفكار, والألوان، والهيئات, والأغنياء، والفقراء، والصغير, والكبير, إلى أن المنهج هو الشرع، وأنه وسطي، يقوم على مساواة الحقوق، والالتزام بالواجبات، الأمر شورى، والأداء إتقان، والرب واحد، والفرق في التقوى، والحق قائم والعدل الميزان. بارك الله في هذا الأمير, الحكيم، القدوة، الذي اجتمع الناس على محبته لاجتماعهم على منهجه في الفكر، والعمل، والتعامل، بمثل ما جاء حضوره مساء الثلاثاء القريب الماضي، يؤكد ثبات الأصول، ورحابة المنطلق. في هذا الوطن كله، من القمة للثرى، ومن يدب عليهما.. ولمعالي مدير الجامعة الإسلامية شكر الإحسان في اختيار الشخصية الفذة، وأهمية الموضوع.