ذكرى حادثة الحرم التي قسّمت التاريخ في ذاكرة السعوديين إلى ما قبل وما بعد 1-1-1400ه رواها الأستاذ ناصر الحزيمي عبر كتابه «أيام مع جهيمان.. كنت مع الجماعة السلفية المحتسبة».. وهو كتاب صدر عن الشبكة العربية للأبحاث والنشر. ويأتي الكتاب ليُحدث نقلة في الوعي بحقيقة ما حدث، ويقدم مشاهدات حية عن سيرة وتطورات هذا الفكر. وفي المقدمة تمكّن المؤلف بأسلوب جذاب ولغة سهلة وغير متكلفة من كشف الكثير من الملامح الداخلية للجماعة السلفية المحتسبة وتحولاتها منذ بداياتها في منتصف الستينيات. تبدو قيمة هذا الكتاب في أنه كشف جوانب وطبائع شخصية عند جهيمان وجماعته؛ حيث تمكن من تقريب سلوكيات وتفكير ومهارات هذه الشخصية للقارئ كما عايشها لتجيب عن تساؤلات كثيرة وتزيل حالة من الغموض بأسلوب يخلو من التعسف بالألفاظ والتهويل بالتحليلات. وقد ورد في الكتاب العديد من المعلومات، منها: في عام 1977م الموافق 1397ه افتتح أول محل للتسجيلات الإسلامية، وذلك في الرياض في عمائر الدغيثر المطلة على شارع البطحاء، وكان المحل عبارة عن فتحة صغيرة جداً تبلغ 2×4 أمتار، وكان حدثاً مهماً بين الإسلاميين، حتى أن بعض المشايخ زاروا هذا المحل وباركوا لصاحبه. وفي تلك الفترة كان رجال الحسبة من الكبار في السن تتحكم في انفعالاتهم الحكمة والموعظة الحسنة، ولم ينظر إليهم المجتمع باعتبارهم جسماً غريباً عنه، بل كانوا ضمن نسيجه، وكانوا يسمون «النواب». ومن المعلومات أيضاً قال مؤلف الكتاب أ. الحزيمي: أخبرني صنيتان العتيبي، وكان معي في المعتقل، أنه كان يُهرّب الدخان من الكويت مع جهيمان لصالح تجار معينين يوفرون لهم سيارات الفورد الحمراء. وعن حادثة احتلال الحرم قال الحزيمي: علمت بنية الجماعة دخول الحرم مصادفة؛ إذ التقيت أحدهم في الرياض، وسألني: هل ستذهب لمكة ومبايعة المهدي؟ فأخبرته بعدم قناعتي بمهديه محمد عبدالله القحطاني؛ فأخبرني بأن الإخوان قد تواصوا فيما بينهم على دخول الحرم فجر صباح 1-1-1400ه، وسيبايعون المهدي بين الركن والمقام.. وطالت أيام القتال داخل الحرم، وخشيت أن أتصل بأحد فيُلقى القبض عليّ.. وبقيت على هذه الحالة حتى إلقاء القبض علي في 15-1-1400ه. وتضمن الكتاب الخطبة التي أُلقيت في الحرم، وتوجيهات جهيمان العتيبي لبعض أنصاره بالتوجُّه إلى أماكن في السطوح وإطلاق النار على من يتمرد على البيان.