نفد يوم أمس الأول كتاب الزميل الأستاذ ناصر الحزيمي «أيام مع جهيمان: كنت مع الجماعة السلفية المحتسبة» من جناح الشبكة العربية للأبحاث والنشر. وقد بيع من الكتاب 1500 نسخة خلال الأيام الأولى لمعرض الرياض الدولي للكتاب. يسرد الحزيمي في الكتاب سيرة حياته كفرد في الجماعة السلفية المحتسبة، فيعرج بالحديث عن مسار تشكلها، ومن ثم الانشقاقات في داخلها، وأثر جهيمان في كل هذا، ثم يروي ذروة الحكاية، احتلال الحرم شهر محرم 1400ه، من خلال تتبع تفاصيلها على لسان أحد مقتحمي الحرم من رفقاء الحزيمي في سجنه آنذاك. الميزة الأهم في سردية الحزيمي أنها لم تغفل الأحداث الموازية لتشكل الجماعة السلفية المحتسبة في تلك الفترة، فبادر بوصف الكثير من ملامح المدن، وما تحويه من أسواق ومساجد وتجمعات، كما ذكر الحوادث الموازية ذات الدلالة، كحادثة تكسير الصور في المدينةالمنورة قبيل نشأة الجماعة السلفية المحتسبة، وبعض المشاكسات بين العلماء في الحرم المكي. أشار الحزيمي إلى أسباب انشقاق أفراد الجماعة، وخروج الجزء الأكبر مع جهيمان، بالإضافة إلى القضايا الفقهية التي اختلف فيها جهيمان مع الشيخ أبو بكر الجزائري. كما تحدث عن الكاريزما الشخصية التي تمتع بها جهيمان، والتي أشار لها وحللها الحزيمي بصورة ملفتة في مذكراته. فقد خلق جهيمان حوله هالة مثيرة للانتباه، من خلال وصف أصحابه له، حتى إن الحزيمي يصف تلهفه لرؤية جهيمان - آنذاك - وكأنه سيقابل «أحد الصحابة»!! بسبب غلو أصحابه فيه. غلاف الكتاب مع الأفكار المركزية التي أشار لها الباحث في مذكراته، كون حركة جهيمان حركة احتجاجية ملحمية، ورثت سيناريو محددا من خلال كتب التراث، وامنت بانطباقه تماماً، ما دمنا في آخر الزمان كما كان جهيمان يردد، مع الإشارة المهمة من الحزيمي إلى مركزية الرؤى والأحلام في تلك الفترة، مما جعل هاجس ظهور المهدي يتلبس أفراد الجماعة، لحد تتابع الرؤى في المهدي! جاء في مقدمة الكتاب، والتي كتبها الباحث الأستاذ عبدالعزيز الخضر: ... يأتي هذا الكتاب للأستاذ ناصر الحزيمي ليحدث نقلة في الوعي بحقيقة ما حدث ، ويقدم مشاهدات حية عن سيرة وتطورات هذا الفكر في السبعينات ليس بوصفه ناقلا من مصدر ما ، وإنما بوصفه معايشا لهذه التطورات وإلى أين انتهت . لقد تمكن باسلوب جذاب ولغة سهلة وغير متكلفة من كشف الكثير من الملامح الداخلية للجماعة السلفية المحتسبة وتحولاتها منذ بداياتها في منتصف الستينات. تبدو قيمة هذا الكتاب أنه كشف جوانب وطبائع شخصية عند جهيمان وجماعته ، حيث تمكن من تقريب سلوكيات وتفكير ومهارات هذه الشخصية للقارئ كما عايشها ، لتجيب على تساؤلات كثيرة وتزيل حالة من الغموض استمرت طويلا حول الحدث وشخصياته. وقد جاءت سطور الكتاب بأسلوب يخلو من التعسف بالألفاظ والتهويل بالتحليلات ،فنقل القارئ إلى سيرة ووقائع الأحداث بتسلسل زمني من خلال المعايشة الشخصية. وأضاف الخضر: يأتي هذا الكتاب كخطوة ريادية في تقديم مذكرات شخصية حول أحداث مهمة في مجتمعنا السعودي ، وكوثيقة تاريخية تفوق أهمية دراسات وكتب ومقالات، لأنها جعلت القارئ أمام المادة الخام لقصة ما حدث ، وبعض التفاصيل التي يصعب على أي باحث استنتاجها من دون معايشة.