فاصلة: (من فَقدَ اعتباره لنفسه لم يبق لديه شيء يفقده) - حكمة عالمية - لفت نظري في تحقيق نشرته إحدى الصحف المحلية حول العباءة وأنواعها جملة قالها البائع: «كثيرٌ من النساء يطلبن تضييق العباءة، لكنني أرفض». في هذه الجملة وصاية من بائع غريب على نساء لا يمت إليهن بصلة غير تفكيره الذكوري بأن المرأة مهما بلغت من العمر فهي بحاجة إلى رجل يرشدها إلى الصواب!! وبعض الباعة نصح بأهمية رقابة الأسرة وكأنه عالم نفسي، لأن الفتيات الصغيرات على حد تعبيره يلبسن العباءات الضيقة ليلفتن أنظار الرجال، وفي هذا فتنة وفساد. ومع احترامي للباعة فإن القضية أبعد وأعمق من وصاية رجل على امرأة. ولا أعرف لماذا لا تنشر الصحف عن ممارسات الشباب والرجال - وإن بلغوا من الكبر عتياً - للفت أنظار النساء، هنا مَنْ الذي سوف يمنعهن من هذا السلوك؟!! القضية واحدة في كل زمان ومكان ولا علاقة لها بلبس العباءة، أو بالفتاة السعودية، ففي كل مكان في العالم تحاول بعض النساء بمظهرهن لفت نظر الرجال، وسبب هذا السلوك عدم تقدير المرأة لذاتها وانتظار هذا التقدير من الآخرين. بالطبع فإن سعي المرأة للفت نظر الرجل شعور طبيعي، لكن ترجمته إلى سلوك هو معيار لتأكيد المرأة لذاتها. لذلك من المهم أن تعزز الأسرة في أبنائها تقدير الذات وبخاصة الذات الجسدية المتعلقة بمظهرهم الخارجي، والذات النفسية المتعلقة بسلوكياتهم وصفاتهم الشخصية. فالثقة بالنفس عامل مهم في احترام الإنسان لنفسه، وبالتالي عدم تورطه في أي سلوك يفقده هذا الاحترام. الاهتمام بالمظهر بشكل مُبالغ فيه هو محاولة لإخفاء نقص يشعر به الإنسان تشكَّل منذ الطفولة، فالطفل يعرف نفسه من خلال المحيطين به في أسرته، والمشكلة أن بعض الآباء لا يعطي اهتماماً لتشكيل ذات الطفل فيهزأ بجسمه أو مظهره ظناً منهم أن الطفل صغير ولا يفهم، وهذا في الواقع خطير، فذاكرة الطفل عادة تختزن كل شيء، ومن ثم يترجم إلى سلوكيات عدة من بينها لفت الأنظار فيما بعد حتى لو لم يعرف الطفل الذي كبر لماذا يفعل ذلك؟ [email protected]