إن المحبة التي جعلها الله تعالى لهذا الملك الصالح الملك عبد الله بن عبد العزيز في القلوب لهي والله دليل خير وعلامة قبول، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول «إذا أحب الله عبداً نادى جبريل: إن الله يحب فلاناً فأحبه، قال: فيحبه جبريل، قال: ثم ينادي في أهل السماء إن الله يحب فلاناً فأحبوه، قال: فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض».وما نراه ونلمسه من حب عظيم في قلوب الناس لهذا الملك الصالح ليجعلنا نستحضر ذلك المشهد في موسم الحج في صعيد عرفات الذي يحكيه سهيل بن أبي صالح يقول: كنا بعرفة فمر عمر بن عبدالعزيز - وهو على الموسم - فقام الناس ينظرون إليه فقلت لأبي: إني أرى أن الله تعالى يحب عمر بن عبدالعزيز، قال: وما ذلك؟ قلت: لما له من الحب في قلوب الناس. وصدق الله تعالى إذ يقول: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} (96) سورة مريم، أي: محبة في قلوب الناس في الدنيا كما قال مجاهد رحمه الله. فهذه المحبة الصادقة من الناس كافة ليس في هذا البلد فحسب بل في جميع بلاد الدنيا لهذا الملك الصالح لدليل صدق وأمارة خير، على ما يرجوه من الرفعة والمنزلة والقربة عند الله سبحانه وتعالى، وقد اجتمع له مع محبة الخلق أعظم أسباب الخير والعز والتمكين بالقيام على تطبيق شرع الله في جميع نواحي الحياة والتمسك بعقيدة التوحيد الصافية، وخدمة بيت الله العتيق والحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة كافة، فضلاً عن القيام على إعانة المحتاج وإغاثة الملهوف، فها نحن نراه يفرح لفرح المواطن ويتألم لألمه ويحزن لمصابه، ومن كلماته المضيئة الصادقة - حفظه الله - في هذا يقول: (أعاهد الله، ثم أعاهدكم، أن أتخذ القرآن دستوراً والإسلام منهجاً، وأن يكون شغلي الشاغل إحقاق الحق، وإرساء العدل، وخدمة المواطنين كافة بلا تفرقة ثم أتوجه إليكم طالباً منكم أن تشدوا من أزري وأن تعينوني على حمل الأمانة، وأن لا تبخلوا عليَّ بالنصح والدعاء)، فما أروعها من كلمات وما أصدقها من مشاعر وما أصدقه من عهد وما أخلصه من وفاء، ونحن يا خادم الحرمين الشريفين نعاهد الله تعالى ثم نعاهدك على الإخلاص والوفاء والولاء لكم وعلى صدق المواطنة والانتماء لدولتكم دولة الإسلام والتوحيد مملكة الخير المملكة العربية السعودية نذود عنها بأرواحنا ودونها ودونكم النفس والمال والأهل والولد ونحن - والله - يا خادم الحرمين مطمئنون واثقون من نصر الله وتأييده، فإن الذي ينصر الله فإن الله لا محالة ناصره، والذي يعز دين الله فإن الله تعالى لا محالة يعزه، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (7) سورة محمد.ولقد وعيت يا خادم الحرمين هذا جيداً فقلت وصدقت: «لقد أعز الله هذه الدولة لأنها أعزت دين الله وسارت على نهج ثابت يتوارثه خلف عن سلف، وسوف تبقى عزيزة لا يضرها من عادها ما دامت ترفع راية التوحيد وتحكم شرع الله». لقد قلت يا خادم الحرمين وصدقت: (أقول لكل مواطن ومواطنة لقد عرفتكم خلال السنين كما عرفتموني، وقد كنتم على الدوام مخلصين صادقين أوفاء للعهد وستجدونني معكم في السراء والضراء أخاً وأباً وصديقاً، وسأكون بينكم في المسيرة الواحدة نرفع كلمة الإسلام ورفعة الوطن).ونحن نقول لكم يا خادم الحرمين: صدقت وبررت وكفيت ووفيت، فلقد كنت دائماً الصادق المخلص الوفي للعهد والوعد، ولقد كنت دائماً الأب والأخ والصديق الصدوق الصادق والقائد الملهم الحنون الرحيم بأبناء وطنه، بل لقد امتد عطاؤك وفاضت نجدتك فتجاوزت حدود الوطن لتشمل كل دول العالم الإسلامي بل والعالم الخارجي لتغيث الملهوف وتعين المحتاج وتخفف عن المكروب حتى حزت يا خادم الحرمين الشريفين عن جدارة واستحقاق لقب «ملك الإنسانية»، فلقد رأيناك مراراً وقد غلبتك دمعتك وخنقتك عبرتك وأنت تحتضن أبناء شهداء الواجب شهداء الدين والوطن فكأنك أنت المكروب المكلوم دونهم. فسر يا قائدنا على بركة الله مؤيداً بنصر الله وتوفيقه ونحن معك من أمامك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك نقدم أرواحنا رخيصة دونك ودون الوطن ودون ديننا وشريعتنا التي قامت عليها دولتنا ونقول لأعدائنا وأعدائك: هذا وطن الإسلام والتوحيد ودولة الأئمة العظام المؤمنين المخلصين من آل سعود لا مكان فيها لحاقد ولا مكان فيها لإرهابي مجرم ولا مكان فيها لمتطرف آثم ولا مكان فيها لعصبية مقيتة ولا طائفية بغيضة ولا مطمع فيها لعدو طامع، فمن سولت له نفسه بشيء من هذا فلا جزاء له عندنا إلا الموت ولا غاية لنا إلا النصر أو الشهادة.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على خاتم النبيين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين. (*) وكالة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشؤون المعاهد العلمية