رددنا كثيرًا وشددنا هنا غير مرة على أهمية وقيمة ومعنى ودور الشباب في بناء وتنمية ومستقبل الوطن، وجاء مساء الخميس والجمعة الماضيين ليؤكدا ويجسِّدا هذه الحقيقة على أرض الواقع بهتافات وملامح وألوان وشعارات الآلاف من الجماهير الرياضية المتفاعلة ابتهاجًا بعودة المليك سالمًا معافى وبوحدة واستقرار الوطن، وبمشاعر عفوية تجاوزت أفراح الفوز وأحزان الهزيمة إلى ما هو أصدق وأسمى وأغلى وبلغة وطنية مدهشة لم تمنعها لحظات الانتصار كتلك التي سمعناها من الأمير المواطن الشاعر عبد الرحمن بن مساعد، أو تلك المعبرة المباشرة الراقية من الرئيس الاتفاقي الخبير عبد العزيز الدوسري في أوج آلامه وهو يرى فريقه يخفق في الوصول للنهائي الحلم.. وطالما أننا أمام شريحة مهمة وكبيرة في التركيبة السكانية للمملكة استطاعت أكثر وأبدع من غيرها أن تقدم الصورة الحقيقية للتلاحم والتعاضد بين القيادة والشعب، وأن ترسم أجمل لوحة حب وولاء وانتماء لوطن الخير والعز والشموخ، فمن الضروري التنويه إلى أنها المتزاحمة يومًا بعد آخر بالملايين عددًا وطموحًا وأحلامًا، بنين وبنات، هي نفسها تحتاج لخطط وبرامج ومشاريع تنموية متنوعة وفرص وظيفية تستوعب أعدادهم وتستثمر طاقاتهم ويستفيد الوطن من مؤهلاتهم وتخصصاتهم وحماس وسخاء عطائهم.. أخيرًا علينا ألا نربط اهتمامات وتطلعات الشباب في الشأن الرياضي والترفيهي فحسب، وأن نتعامل معهم على أنهم جزء رئيس وقوي وفاعل ومؤثر على أمن وأمان وبناء وتنمية وطن معطاء كريم ولشعب وفي يستاهله.. نصر أسير ثقافته كشف لقاء النصر والهلال الأخير مجددًا نوعية وطبيعة التنافس الحاضر الغائب بين الفريقين، ففي الوقت الذي واصل فيه الهلال هيمنته نجد أن النصر رغم كثافة تحركاته وكمية ما ينفق عليه إلا أنه مازال رهينًا لموروثه وثقافته في كيفية الخروج من أزماته، قالها واختصرها قائده ونجمه الذهبي في الثمانينيات الميلادية يوسف خميس في تحليله وقراءاته لأسباب سقوط النصر الأخير والذريع أمام الهلال، قال بما معناه: إن الإعلام النصراوي هو من يضغط ويتدخل ليس للارتقاء بالفريق، وإنما ليقحمه ويشغله بقضايا ومشكلات تخص أندية وأطرافًا أخرى بعيدة عن الجانب الفني والإداري، وهي التي دائمًا ما تجعله مشحونًا ومتوترًا ومرتبكًا يعاني من سوء التهيئة والإعداد النفسي في المباريات التنافسية القوية الحاسمة.. في لقاء الخميس لا أبالغ إذا قلت: إن الهلال المتأزم والمتراجع قبل المباراة لم يتلاعب بفريق في هذا الموسم بمثل ما فعله بفريق النصر المكتمل والمتحفز لبلوغ نهائي طال انتظاره، وهذا بالتأكيد لم يكن سببه الرئيس ضعفًا في إمكاناته وطريقة تفكير مدربه بقدر ما كان متأثرًا بما يقال ويكتب ويتردد من أوهام وحكايات وخزعبلات خارج الملعب.. ما أشبه رادوي بتفاريس أجزم أن معظم من طالبوا بمعاقبة وطرد الروماني ميريل رادوي لم يسمعوا وربما لم يفهموا أو بالأصح لم يتأكَّدوا تمامًا من مضمون تصريحه بعد مباراة فريقه أمام النصر، هم حكموا عليه حكمًا قاطعًا ليس بسبب كلام لم يسمعوه أصلاً وإنما لأنه رادوي، تمامًا كما المبدأ نفسه الذي كانوا يطبقونه على المدافع البرازيلي تفاريس عندما كان هلاليًا وها هم اليوم يغضون الطرف عنه ويصمتون وينظرون إليه بعين أخرى هادئة متسامحة بعد أن أصبح مصارع وجزار الأمس شبابيًا.. في هذه المسألة نحترم من ينتقد تصرفات وأخطاء رادوي بشرط أن يكون قد انتقد في أحداث مشابهة تجاوزات ومخاشنات غيره من الإداريين واللاعبين، لكننا في المقابل لا يمكن أن نثق أو نقتنع بمن يظهر متحمسًا نزيهًا مثاليًا خائفًا على سمعة الكرة السعودية وعلى تربية وسلوك أطفالنا بمجرد أن يرتكب رادوي أو أي لاعب هلالي خطأ في الوقت الذي يمارس فيه التطنيش على طريقة (لا أرى لا أسمع لا أتكلم) تجاه تصريحات مسئولين معروفة ومثبتة وصريحة قالوا فيها عن المهندس جمال أبو عمارة، محمد نور، أحمد القرون وعن حكام وإعلاميين وغيرهم وعن نادي الهلال ولاعبيه ما هو أبشع مما قاله رادوي؟.. أين إنسانيتكم وعدالتكم وإنصافكم ومبادئكم ووقوفكم مع الحق وأنتم تسمعون جماهير أكثر من مدرج في أكثر من مباراة تهتف بتجنٍ وابتذال وعدوانية وبعبارات بذيئة كريهة ضد قائد المنتخب ياسر القحطاني؟ أين أنتم من اعتداءات ومشاكسات حسين عبد الغني مع حسن خليفة ونور ومرزوق العتيبي وهزازي وأمين وعبد العزيز الدوسري والفريدي وأخيرًا رادوي أثناء المباراة؟ - في البطولات القارية يلزم اللاعبون بعد المباراة بتحية الجماهير، بينما اعتاد لاعبو النصر على أن يهاجموا ويتجمهروا ويحاولوا الاعتداء على الحكم، رأينا ورأت لجنة الانضباط هذا المشهد على الهواء مباشرة بعد مباريات النصر أمام الرائد والوحدة والاتحاد والفتح والتعاون والشباب وأخيرًا الهلال ومع هذا مرّ كل ذلك مرور الكرام و(لا من شاف ولا من دري)..! - لم يضف عبد الغني شيئًا للنصر غير الفتوة والنرفزة والفلتان الذي لم يكن أسلوبًا للنصر إلا بعد مجيئه.. - ليست المرة الأولى التي يبدع فيها النصراويون بإشغال جماهيرهم عن اخفاقاتهم والمسئولين عن تجاوزاتهم.. - الهلاليون قبل غيرهم هم من سمحوا للآخرين بالتطاول عليهم بسبب عدم اهتمامهم وتغاضيهم عن المطالبة بحقوقهم وكان آخرها اتهام نجومهم بتعاطي المنشطات.. - إدارة الهلال هي أول من يلوم ويطالب بمحاسبة المخطئ من لاعبيها في الوقت الذي يتحول فيه المتهورون في بعض الأندية إلى قدوة وقادة وأبطال ورموز.. [email protected]