في صباح يوم الأربعاء الماضي جاءتني رسالة جوال حاملة نبأ وفاة العم سليمان العلي اليوسف معلنة خبر الصلاة عليه عصر الأربعاء بجامع الأمير عبد الله بن محمد بعتيقة بالرياض، حيث توافد محبوه للصلاة عليه وتشييع جنازته من الرياض وسدير والقصيم والشرقية وحائل والمدينة المنورة وغيرها. نعم فاضت روح الغالي علينا إلى بارئها وغابت شمسها وانطفأ نورها.. غيبت أيها العم وغابت معك البسمات والضحكات وبقيت الذكريات تحمل ذكراك. حشود ووفود أتت لتعزينا فيك من المملكة والكويت وقطر وسوريا وأدمع انسكبت لفراقك وألسن باتت تلهج بالدعاء لك كيف لا وأنت حبيب الجميع فقد أحبك الصغير قبل الكبير.. أحبك الغريب قبل القريب أحبك الجار والصاحب والصديق.. انتهت أيام العزاء ولكني لا زلت في عزاء فطيفك لم يفارق خيالي.. صورتك لم تمح من ذاكرتي ضحكاتك وكلماتك لا زالت تدندن في أذني. فيارب ارحمه رحمة واسعة وأبدله القصور العالية في جنة قطوفها دانية.. وأنهارها جارية. زرته قبل وفاته وخابرته بالهاتف قبل مماته بيوم، رحم الله عمنا الغالي وأسكنه فسيح جناته. كان لنا مع العم سليمان ذكريات جميلة لا يمحوها ماحي، فهو عم وأخ وصديق تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه جنات النعيم وألهمنا وأبناءه وبناته وأخته الشقيقة (الوحيدة) عمتي الغالية (أم عبد العزيز) وعقيلته أم الزعيم الصبر والسلوان. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. إن المصاب ثقيل ومؤلم لكن لا راد لقضاء الله وقدره، هو رب العباد، هو يعطي وهو يأخذ، وهو الرحيم. ستبقى سيرتك يا أبا الزعيم في الأذهان وكلماتك وتوجيهاتك نبراساً في حياتنا، مهما مرت الأيام والسنين ولن يفقد ويشعر بمرارة البعد إلا من يحبك اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة وثبته عند السؤال واغفر له واعف عنه يا أرحم الراحمين، وهذه حال الدنيا ونهاية كل مخلوق ولا أقول في هذا المصاب الجلل والفقد الكبير إلا إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن على فراقك يا أبا الزعيم. الكل يثني عليك ويذكرونك بالخير لأنك كنت عطوفاً، رحيماً كريماً، تغمرنا بحبك وحنانك وأبوتك، والذكر الحسن ومحبة الناس لك هو العمر الثاني للإنسان بعد موته فقد يرحل إنسان بشخصه عن هذه الدنيا الفانية - وكلنا راحلون - لكن أعماله الطيبة، ومآثره المباركة التي قدمها قبل موته خالدة باقية، فكم من إنسان غاب عنا بشخصه وترك من بعده ثناء عطراً وذكراً حسناً، وصيتاً وسمعة مباركة، والألسنة تلهج بالدعاء له والثناء عليه في المناسبات وغيرها. كان اهتمامه بي منذ طفولتي كبيراً، وكثيراً، ما أجد منه التشجيع وكلمات التحفيز التي تشحذ الهمم وعباراته التي توقد الحماس وتدفع للأمام ولتلك الكتب التي يجبرني على أخذها وقراءتها ليناقشني في محتواها وكنت آخذ منه قوة البأس وروح العزيمة والإصرار على النجاح وعدم اليأس. لن ننسى احترامك للكبير وتواضعك للصغير وحبك للأطفال، ولن ننسى مكانتك العائلية الكبيرة في نفوسنا جميعاً، رحمك الله أيها الحبيب، فلقد أحببتنا وأحببناك فما نراك إلا سعدنا بك، وما بعدنا عنك إلا اشتقنا إليك وأنت تبادلنا حباً بحب، وتقديراً بتقدير. اللهم ارحمه، فقد كان رحيماً، وأكرمه فقد كان كريماً، وادخله الجنة فقد كان لك محباً مطيعاً ووفه أجره بغير حساب فقد كان صابراً، وأظله في ظل عرشك يا رب العالمين يا أرحم الراحمين. لقد ودعنا بعد رحلة طويلة من الكفاح والصبر والنجاح، ودعنا بعد أن حقق انتصارات رائعة رغم الحياة القاسية ونجاحات هائلة رغم تقلبات الزمن. عندما كنت أزوره - رحمه الله - في منزله بحي الشفاء بالرياض أو اجتمع معه بدورية اليوسف السنوية أو الشهرية كان يقول لي أنت الوحيد الذي لا يوجد خطوط حمراء للنقاش معه، وكم تجادلنا وتناقشنا واختلفنا، نقاش الأب الحاني ونصائح المعلم الأمين وتوجيهات المثقف المتمرس، نقاش مفتوح ضوابطه الاحترام والتقدير يملك تجارب ثرية ومواقف نموذجية عايش جميع المستويات الاجتماعية والأوضاع الأسرية والأحوال المادية والظروف المعيشية كان صبوراً طموحاً واصل دراسته وهو عامل ثم مأمور للسنترال ثم موظف، واصل دراسته منتسباً وحصل على شهادة المتوسطة بنظام الثلاث سنوات ثم حصل على الثانوية العامة والتحق بعدها بجامعة الملك سعود وحصل على البكالوريوس منتسباً، عاش في كفاح تحقق له ما يريد عمل موظفاً معروفاً في الكليات والمعاهد قبل أن تصبح جامعة الإمام محمد بن سعود ثم موظفاً له مكانته حتى اليوم في وزارة الإعلام حتى تقاعد بالنظام جمع العم أبو الزعيم كل صفات الرجل العصامي وقد قاسمته كفاحه وصبره ومعاناته شريكة حياته أم يوسف حفظها الله آمين. ودع أبو الزعيم الدنيا تاركاً السمعة الحسنة والأصدقاء الأوفياء والمحبين المخلصين والمودعين الحزانى والبنات والأبناء المبدعين. إلى جنة الخلد يا أبا الزعيم. يوسف العبد الله اليوسف - الدمام - مدير مدرسة متقاعد