لا يخفى على أحد الدور المهم والحساس الذي تلعبه الجمعيات الخيرية في المجتمع, فهي تأخذ على عاتقها تلمس حاجة الفقراء والمحتاجين، والعمل كهمزة وصل بين الأغنياء والفقراء، والمساهمة في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للأفراد والأسر. واستطاعت الجمعيات الخيرية في الوقت الحاضر أن تنمو لتصل إلى أكثر من 500 جمعية خيرية تقدم خدماتها الإنسانية إلى عشرات الآلاف من المحتاجين. وتشرف على هذه الجمعيات وزارة الشؤون الاجتماعية، ويعمل فيها كوكبة من خيرة شباب ونساء الوطن الذين يقدمون الخدمات الاجتماعية والخيرية للمستفيدين. وأنشطة الجمعيات الخيرية تتنوع بين المساعدات المالية والعينية للفقراء، وكفالة الأيتام، ورعاية المعوقين وكبار السن والأرامل والمطلقات، وإعانة الشباب على الزواج، ودعم الأسر المنتجة، والإسكان الخيري، وتقديم خدمات التعليم والتدريب والتأهيل، ودعم جمعيات تحفيظ القرآن الكريم، وإقامة الندوات والمحاضرات الشرعية والثقافية، وبناء المساجد وترميمها، ومشاريع تفطير الصائمين، وتوزيع المواد الغذائية ولحوم الهدي والأضاحي، وغير ذلك الكثير من المناشط والمشاريع المختلفة التي تصب في مصلحة المجتمع. ولكن عمل هذه الجمعيات الخيرية ما زال دون المستوى المأمول، وذلك لوجود بعض العوائق التي تؤثر على فاعلية هذا القطاع الحيوي؛ فالدعم المادي الذي تحصل عليه الجمعيات الخيرية من وزارة الشؤون الاجتماعية ومن القطاع الخاص والموسرين لا يكفي لسد حاجاتها المتزايدة، كما أن أعداد المحتاجين الكبيرة يجعل ما يصل إليهم من معونات لا يكفيهم ولا يرتقي لمستوى تطلعاتهم. ومن ناحية أخرى فإن عمل هذه الجمعيات يعتمد في مجمله على مفهوم «العمل التطوعي» مما يعني أن الكثير ممن يعملون في هذه الجمعيات يقدمون خدماتهم التطوعية بشكل جزئي وغير منتظم، بالإضافة إلى هيمنة الاجتهادات الشخصية على أعمالهم لأن البعض غير مؤهل أكاديمياً ومهنياً في مجال العمل الخيري. كما أن هذه الجمعيات تركز على تقديم المعونات المادية والعينية وتوزيع السلال الغذائية على الأسر الفقيرة، وهذا مما لا شك فيه ينمي روح الاتكالية في هذه الأسر ويجعلها تتكاسل عن البحث عن مصدر رزق لها حتى لو توفر فيها أفراد قادرون على العمل، مما يؤدي إلى تحول شريحة كبيرة من المجتمع من أسر فاعلة ومنتجة تساهم في نمو المجتمع، إلى أسر اتكالية عاطلة محدودة الدخل يسيطر عليها الكسل، وهذا يؤثر تأثيراً سلبياً على المجتمع وتطوره. ولكي تقوم الجمعيات الخيرية بدورها الذي وضعت من أجله، لا بد أن تعمل على تطوير نفسها، وعلى تأهيل العاملين فيها، وعلى التواصل مع المجتمع ومعرفة احتياجات أفراده، ووضع الخطط التي تسهم في «صناعة العمل الخيري» مما يخفف من الاعتماد الكلي على الدولة وعلى إعانات القطاع الخاص بوضع أوقاف يساهم في بنائها رجال الأعمال والمؤسسات والشركات والبنوك لتكون مصدرا دائما لهذه الجمعيات دون اللجوء إلى خطابات التسول التي تقدم إلى الموسرين بين الحين والآخر، كما أن تشغيل الشباب ودعمهم في مشاريعهم الصغيرة ودعم الأسر الفقيرة لتكون منتجة بتقديم القروض الميسرة الدفع سبيلا لجعلهم يعتمدون على أنفسهم بمصدر دخل يغنيهم عن مذلة السؤال والوقوف عند أبواب المؤسسات الخيرية. * عضو الجمعية الخيرية بالقصب