أصدر الكاتب الدكتور محمد الخازم كتابا حديثا يرصد التحولات الفكرية الدينية في حقل التعليم العالي بالمملكة ويسلط الخازم عبر كتابه «اختراق البرج العاجي» والذي وضع له عنواناً فرعياً «قراءة في التحولات الجيوسياسية والتأثير الأيدلوجي في بنية وسياسة التعليم العالي السعودي» الكتاب جاء في ست فصول بدأها بالتطرق إلى تعريف المدرسة الفكرية السائدة في المملكة العربيه السعودية من المدرسة السلفية ومبادئها وكيف تحولت من ممارسة دينية إلى ممارسة أيدلوجية تسعى إلى إقصاء الأخر وادعاء تقديمها الحل الأوحد لجميع شؤون الحياة اما الفصل الثاني فتطرق إلى التحولات الجيوسياسية التي مرت بالمملكة والمنطقة ووضع التعليم العالي إبان تلك الحقبة وأبرز تلك التحولات ظهور القومية العربية بقيادة جمال عبدالناصر ثم حركة التضامن الإسلامية بقيادة المملكة وتطور النظام الإداري بالمملكة. وقد وصف الجامعات السعوية إبان تلك الحقبة بالاستقلالية والتنوع والانفتاح بعد ذلك قرأ المؤلف التحولات الرئيسة التي حدثت بعدها وأبرزها حركة جهيمان ومعها ثورة إيران وغزة وأفغانستان ثم حرب الخليج واخيراً أحداث سبتمبر وكيف أثرت تلك التحولات في المجتمع السعودي وفي التعليم العالي بصفة خاصة. الفصل الرابع لخص المؤلف أبرز مؤشرات التأثير الأيدلوجي في التعليم العالي عبر المناهج الأكاديمية، التعليم العالي للفتاة، البحث العلمي، النظم واللوئح، وفي قرارات التعيين. الفصل الخامس ركز المؤلف على علاقة الدولة بالجامعة عبر تحليل الممارسات الإدارية والتنظيمية مستدلاً في هذا الشأن بعدة شواهد تؤكد استنتاجاته بمبالغة التدخل في شوؤن الجامعات من قبل مؤسسات الدولة الأخرى وأبرزها وزارة التعليم العالي. ولم ينس المؤلف في الفصل الأخير أن يعطي بارقة أمل للمستقبل عبر الإشارة للتحولات التي أعقبت أحداث سبتمبر رغم أنه وفي قراءته للمستقبل لم يخف نظرة التشاؤم العامة التي تعيق التطلعات وفق مايراه الكاتب. حيث يقول الكاتب إن « التنبؤ بالمستقبل يبد ومن الصعوبة بمكان، فرغم الإيجابيات والمبادرات التي نلحظها؛ إلا أنها لا تزال متواضعة، ولم ترتق إلى الحدِّ المطلوب لإحداث حراك فكري حقيقي ببنية التعليم العالي السعودي، ولا زالت الجامعات السعودية تفتقد التمايز والتنافس والاستقلالية التي تسمح لها بأي حراك فعلي ومستدام على مستوى البنية التنظيمية والفكرية والثقافية، وتظل أطر المدرسة الأيدلوجية والإدارية الواحدة تتحكم في مفاصل الفكر الجامعي السعودي.» كتاب اختراق البرج العاجي من إصدار دار طوى وتوزيع دار الجمل ويقع في 175 صفحة من القطع المتوسط. الكتاب وبما حواه من جرعة عالية من الوضوح والمباشرة في تناول الأثر الأيدلوجي في بنية وسياسات التعليم العالي يتوقع أن يحظى باهتمام المهتمين بما يفتحه من نوافذ للنقاش في الأوساط المهتمة. الجدير بالذكر أن الدكتور الخازم أحد الكتاب المهتمين بموضوع التعليم العالي وسبق له إصدار كتاب «التعليم العالي في الميزان».