صباح أمس الأول تم إطلاق حزمة من القرارات الملكية الاقتصادية والاجتماعية، والتي تفوق في تأثيرها المباشر على المواطنين تأثير الموازنة السنوية، لأن هذه القرارات ابتعدت تماما عن جوانب الإنفاق على البنية التحتية مثلا أو إنعاش الشركات أو إنعاش قطاعات وأنشطة بعينها، وأصبحت تصب مباشرة في صالح المواطنين.. تمس هذه القرارات الجوانب التنموية للمواطن، بحيث إنها تمس متطلباته الحياتية والمعيشية من إسكان وتوظيف ورواتب وتعليم وضمان وتنمية اجتماعية، بل ولأول مرة تنمية الحياة المجتمعية بأشكالها المختلفة رياضيا وأدبيا، وحتى تنمية المجتمعات التعاونية والمهنية.. إنها قرارات تقدر القيمة المباشرة للإنفاق فيها على الجوانب التي يسهل تقديرها بنحو 93.5 مليار ريال (حسب البنود محددة القيمة الاتفاقية بالجداول أعلاه)، بجانب ما يقارب 10 إلى 17 مليار ريال إنفاق على جوانب أخرى للمواطنين أيضا سواء بتعديل لوائح أو مكافآت أو غيرها.. أي أن هناك ما يناهز 110 مليار ريال سيتم ضخها بشكل مباشر لصالح الجوانب المعيشية والحياتية للمواطنين.. ولنا أن نعلم أن هذه الجوانب تعتبر خارج نطاق الجوانب التي تم إقرارها في الموازنة العامة منذ شهرين تقريبا، حسب ما هو واضح في القرارات. زيادة إجمالي المتحصل من الرواتب بالقطاع الحكومي في الاعتقاد أن بدل غلاء المعيشة يصرف بالفعل منذ عدة سنوات، إلا أن الجديد هو أن هذا البدل سيثبت، وبالتالي فإن حزمة إجمالي الرواتب والبدلات سترتفع، وحسب المعايير المالية، فإنه إجمالا فإن حجم الرواتب المصروفة سيزداد بقيمة الزيادة في قيمة بدل غلاء المعيشة 15%.. وعليه، فمن المتوقع أن ترتفع رواتب الموظفين بالدولة من 146.3 إلى 168.2 مليار ريال، في حين أن حجم البدلات من المتوقع أن ينخفض من 52 مليارا إلى 40 إلى 45 مليار ريال.. أي أن إجمالي الرواتب بالدولة سيزداد من 198 مليار ريال تقريبا (الوضع كما في ميزانية 1430ه) ليصبح ما بين 205 إلى 213 مليار ريال. تأثير القرارات الجديدة على حجم السيولة بسوق الأسهم بالطبع سيكون هناك تأثير إيجابي لهذه القرارات على حجم السيولة النقدية في أيدي المواطنين، وبخاصة أن كل القرارات ستصب في طريق توظيف المزيد من السعوديين أو حتى زيادة معدلات الأجور للموظفين فعليا في جمعيات أو مراكز أو نوادٍ رياضية أو أدبية.. ولكن التساؤل الهام: هو كيف سيتم توجيه هذه السيولة النقدية؟ هل ستوجه إلى سوق الأسهم أم إلى أنشطة تنموية للفرد أم ستوجه إلى مزيد من الاستهلاك الإضافي أو الرفاهية؟ ما هو واضح أن طبيعة حركة التداول بسوق الأسهم منذ أكثر من عامين قد لا تحفز الأفراد بالسوق المحلي لضخ أي زيادات في السيولة النقدية لديهم في السوق، ليس لأنه غير جذاب، ولكن لأن مفهوم الجاذبية لديهم هو المضاربة المربحة، بل والربح السريع.. لذلك، بشكل حقيقي لا يتوقع أن تتجه الزيادة في السيولة النقدية إلى سوق الأسهم، ولكنها يمكن أن تشعل حركة التداول على الأقل خلال الأيام القليلة المقبلة. افتتاح سوق الأسهم يتوقع بعض الصعود من المتوقع أن تركز شرائح المتداولين التي احترفت المضاربة على خلفية أي قرارات أو مستجدات محلية وعالمية، أن تركز على المضاربة على هذه القرارات بتعمد صعود واضح يوم الأحد المقبل، إلا أن الجميع يتوقعون اليوم هذا السيناريو، وهذا ما يتسبب في قصر حياة هذا المسار الصاعد، حيث إن الجميع يتوقعون جني أرباحه بسرعة، لذلك الجميع يكونون حريصين على الخروج قبل بعضهم البعض، بما يعجل بانتهائه سريعا.. وفي الاعتقاد أن السوق يحتاج إلى مستثمرين جاديين في تفهم هذه القرارات وحقيقتها، بحيث يتفهموا أنها قادرة على حمل مسار صاعد حقيقي.. لأن هذه القرارات رغم أنها تصب في صالح المستوى المعيشي للمواطنين، إلا أنها ستنعش قطاعات وأنشطة اقتصادية عديدة، على رأسها قطاع المقاولات والبناء والتشييد، الذي سيتولى تنفيذ المشروعات المتوقعة بناء على قرارات الإسكان والصندوق العقاري.. ومن ثم فإن القطاع العقاري يتوقع أن يشهد انتعاشا أيضا بشكل كبير.. ثم أيضا قطاع المصارف الذي سيشهد سدادا لكثير من مديونياته على المواطنين.. أيضا قطاعات التجزئة يتوقع أن تشهد طلبات متزايدة على منتجاتها.. إننا نود أن نلفت النظر أن هذه القرارات يمكن أن تعد بمثابة أن هناك إنفاقا مباشرا بقيمة تزيد عن 110 مليار ريال مباشر سيتم إنفاقه خلال فترة قصيرة تقل عن سنة في غالبية جوانبه. سوق الأسهم بمنطقة استقرار منذ أكثر 16 شهرا منذ منتصف سبتمبر 2009م ومؤشر سوق الأسهم يتحرك ما بين 6000 إلى 6917 نقطة، أي أنه تحرك داخل مدى 900 نقطة صعودا وهبوطا، وقد أثبت المؤشر تماسكا قويا خلال هذا المدى، بحيث إن أي هبوط لم يعد مخيفا كما كان يحدث بالماضي، فخلال هذه ال 16 شهرا حدثت الكثير من المستجدات المحلية والعالمية، سواء كمحفزات أو مثبطات للسوق، ولكن جاءت استجابته معقولة، رغم أنها كانت أحيانا أكثر عنف عند الهبوط منها للصعود.. ومن المتوقع ألا تؤثر هذه القرارات على المدى الطويل على حالة سوق الأسهم، لأن السوق أصبح مرتبطا بجوانب أخرى يستجيب لها، وهي تحديدا جوانب تستهدف الاستقرار. *** «تداول» إجازة غداً بمناسبة عودة خادم الحرمين ابتهاجاً بعودة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى أرض الوطن فسيكون غداً السبت إجازة رسمية للسوق المالية السعودية (تداول).