أصبح الجميع يدرك أن العودة إلى حدود ما بعد حرب 1967 مسألة في غاية التعقيد من وجهة نظر إسرائيل التي تتشبث بالأرض الفلسطينية وأن على الفلسطينيين مغادرة الأراضي الفلسطينية والبحث عن أرض داخل الصحراء العربية حيث تحلم بالوعود الأمريكية لبناء «يوتوبيا» لها على الأرض الفلسطينية. إن التفاوض على الانسحاب إلى حدود 1967 لم يلقَ آذانا صاغية من إسرائيل التي تخطط أن تكون قوة اقتصادية، وهذا ما تحقق لها بالفعل في الوقت الراهن، ولكنها قلقة من نشوء قوة عربية وإسلامية وتخشى إسرائيل أن القوة العربية والإسلامية موجهة لتقويض وجودها على الأراضي الفلسطينية. إن فشل العرب في تحقيق شيء من السلام مع إسرائيل رفع درجة التوتر واليأس لقاء ما تقوم به إسرائيل من أعمال منافية للإنسانية كالقتل والتشريد وسحق الإنسان، والاستمرار في بناء المستوطنات، وقد أخذ اليأس يدب في نفوس العرب، ويوحي بأن قضية السلام أصبحت لعبة توظفها إسرائيل في كل مرة يتحدث فيها الأمريكان (إعلامياً) لصالحها عن السلام ثم تتحول تلك المحاولات الأمريكية غير الجادة دعما لإسرائيل للاستمرار في قمع السكان الأصليين وتشريدهم، وتدمير مساكنهم وتمزيق أوصالهم غير آبهة بالنواحي الإنسانية والأعراف الدولية وتشدق الغرب بحقوق الإنسان. إن مماطلة إسرائيل التي تحميها أمريكا وتدعمها بالأسلحة سوف تزيد من وتيرة غضب العالم العربي والعالم الإسلامي لدى العرب داخل فلسطين والشتات في أصقاع المعمورة وبذلك تنقلب المعادلة لصالح الفلسطينيين على المدى البعيد وهذا ما لمح إليه باراك وزير الدفاع الإسرائيلي الحالي في أكثر من مناسبة قائلاً: «إن إسرائيل قد تدخل دائرة الاحتمال الأخطر الذي يفقد إسرائيل شرعيتها فيما لو لم تتحقق صفقة سياسية مع الفلسطينيين فإذا بقي الفلسطينيون دون حقوقهم المدنية فإن إسرائيل ستتحول إلى دولة أبارتيد». إن الولاياتالمتحدةالأمريكية تسعى لتحقيق «قوة» إسرائيلية حيث تعرض عليها تقديم مزيد من الأسلحة، وتعدها باستخدام «الفيتو» على قرارات مجلس الأمن الذي يدعم الحماية غير المشروعة لإسرائيل، مما أدى إلى استمرار توسيع الاستيطان رغم شتى المساعي العربية لإيقافه والاستمرار بالمفاوضات التي تحقق للفلسطينيين فرصة العيش على أرضهم بسلام. - الرياض