شُغلنا بمصر ثمانية عشر يوماً، وكان مشهداً متناقضاً بين فرحة شعب بملايينه يهزج انتصاراً لمطالبه، وبين نكوص قائد لم يحسب لتعثراته مثل هذا الموقف.. فخرج مهزوم النفس، خلوا من عمره ومجده وتاريخه.., فليس من مكان له في خانة العادلين، ولله في خلقه شؤون... شغلنا بمصر طيلة هذه الأيام، كما العضو في الجسد يشتكي فتتداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى., وبعد الثامنة من مساء الجمعة الثامن من ربيع الأول في العام 1432 للهجرة، الموافق الحادي عشر من فبراير 2011 يتطلع المجتمع المصري ليومه القادم لأن يكون أكثر إشراقاً بنور العدل والحرية والتساوي وعدم التحيز وبفرص العمل ورفع المستوى المعيشي، وبعدالة القضاء، والقضاء على البطالة، وبسداد الحاجة والقضاء على العوز، وبسط الفضاء لمزيد من القدرات للتعبير عن الذات، وعودة العناصر المهاجرة من العلماء والمهندسين والأطباء، وتنظيف البيئات الأكاديمية من تلوثها، وإطلاق أجنحتها للبحث والابتكار، وسد منافذ الفساد في الإدارات والأحزاب والقضاء على التكتلات والتحزبات، وضخ الكثير من معقمات الأجواء فلا فقر ولا حاجة ولا تضخم في الأسعار ولا عجز عن علاج ولا شح في الموارد ولا سرقات ولا تسيب ولا انفلات، ولا تعذيب، ولا خوف ولا تكميم أفواه ولا..ولا... يتطلع المجتمع المصري بعد هذه الثمانية عشر يوماً التي قضاها في الشارع مطالباً بكل ذلك, لأن يتحقق له التغيير المناسب لموقفه...في ضوء عدالة الحق، والحق في العدل.., وحق العيش الكريم بحيث يتمكن كل فرد في خلية هذا المجتمع الكبير من أن يجد له دلواً من عسلها.. فالكرامة وحدها، هي أن يتحقق للإنسان ما منحه خالقه من شروط الحياة الكريمة تحت مظلة رعاية آمنة وأمينة، عادلة وحكيمة... يبقى لتلك الغايات التي استنفذت هذه الأيام بلياليها من الإخوة في مصر, أن تكون هي محرك التضافر, والعمل القيادي والجماعي والفردي، ليمكن أمرهم من تنفيذه، وتغييرهم من ثمرته...فهذا المبتدأ.. نتمنى بلاريب لمصر الخير.. نتمنى أن تضخ في دمائها الحياة المشرقة.. وفي أركانها تقوم دعاماتها على ما يمكِّنها من أمجادها ونهضتها.. ولإنسانها البسيط أن يجد آبارها ترفده بعذب الرواء، حرية وتقدماً وعيشاً كريماً مريحاً آمناً وسعيداً. نتمنى أن يجمع الله قلوبهم، وأن يوفقهم لاختيارات تتناسب وطموحاتهم، وأن يبدل الله فقرهم غنى، ويجعل غناهم في أمنهم وأمانهم.