تزوجت وأنا طفلة لم أتجاوز السابعة عشرة في تفكيرها وطلباتها من زوج يكبرني بعشر سنوات يحمل شهادة الماجستير وفي منصب ممتاز، مشكلتي بدأت في بيتنا من شخصية أمي التسلطية فقد كانت تحارب والدي- رحمه الله- ولا تحترمه وتقلل من شأنه دائما أمامنا وترفع صوتها عليه وعلمتنا سامحها الله عدم احترام الزوج ووجوب الضغط عليه ومطاردته وقد دخلتُ إلى عش الزوجية بعقل غير ناضج ورؤى سقيمة عن الرجل ضايقت زوجي كثيرا وكانت طلباتي لاتنتهي وكانت دائمة الانزعاج وقمة الدلع وعندما يحدث أي خلاف أذهب لبيت والدي وكانت والدتي تحرضني كثيرا عليه، عاش زوجي سنوات من الوجع والقهر أنجبت خلالها ولدا وبنتا وكان بعد أي مشكلة يراضيني ويعيدني ثم لا ألبث أن أعود إلى تصرفاتي القديمة ويعود ويراضيني ومشكلتي الآن تتمثل في خلاف والآن في والدي من خمسة شهور ولم يسأل عني ولا يرد على اتصالاتي افتقدته كثيرا وأولادي يسألون عنه كثيرا وحتى إخواني تخلوا عني، والآن أمر بمرحلة ندم شديد وحنين إليه لايعلمه إلا الله علما بأن والدتي كبرت وهي مريضة بمرض خطير ارجووك يا دكتور أريد زوجي كيف أعيده إلي؟ ولك سائلتي الفاضلة الرد: من أروع نصائح التربية إجابة ذلك الحكيم عن أفضل وقت للتربية فقال : إنه قبل أن تتزوج !! إلماحا لأهمية اختيار المرأة الصالحة من الأسرة الكريمة، ومن نافلة القول الحديث عن أهمية القدوة في حياة الإنسان وضرورة سيادة القيم الأسرية الصحيحة ووجوب الاهتداء بروح الإنصاف والحق والالتزام بالقيم الدينية والخلقية في التعامل مع غيرنا.شفى الله والدتك وغفر لها ولك فأي جناية وأي ظلم نال زوجك منكما؟!! وعفا الله عنك فأنت من يتحمل المسؤولية الأكبر فيما حدث فلست جاهلة ولست طفلة ولا أظنك معتوهة، وهناك طرف ثالث أحسبه شريكا رئيسا في المسرحية الهزلية التي استمرت سنوات ألا وهو زوجك فلا يصبر على الضيم حكيم ولا يستمرئ الذل عاقل، وأنت للأسف لم تتعاملي مع زوجك بلغة العقل ولا بمنطق العدل ولو وضعتِ مصلحتك ومصلحة أبنائك في أجندتك لكانت تصرفاتك أكثر نضجا ولما اخترقتك نصائح والدتك السقيمة ولما كنت رأس حربة في تلك الهجمة العشواء وهذه الحرب الظالمة على هذا الزوج المغلوب على أمره وكنت حينها لاتراقبين الله ولم تضعي اعتبارا للأخلاق ولا لقيم العدل! وللأسف أن غيبوبتك الأخلاقية طالت ولم تفيقي رغم الصدمات والنذر المتوالية, فكانت الخسارة جماعية ولكن أظن الخاسر الأكبر هم الأولاد الذين حرموا من قلب أب حان رحيم, وعلى كل حال فيكفيك ما نالك من وخز موجع للضمير، وأدعو هنا كل الزوجات والأزواج أن يراعوا الله في شركائهم وأن يحكموا العقل والمنطق وأقول لكل أم أيسرك أن تشرد ابنتك وتقضي عمرها في حسرات؟!، وعلى كل حال إن كانت رسالتك تحمل يقظة للضمير ورجعة للحق فتلك خطوة هامة لتصحيح المسار إلا أنه وحده غيركاف إن لم يصاحبه تصحيح مؤكد للمفاهيم الخاطئة وندم حقيقي على ماحدث وتغير إيجابي في الرؤية والقيم وليست من قبيل الحاجة والاضطرار، فالاضطرار ليس دليلاصادقا على العودة إلى الصواب بقدر ما يمثل مشهدا جديدا من رواية السفه والتيه. وعلى أية حال فإن من لوازم إبراء الذمة والتخفف من الذنوب التي تثقل الروح أن تعترفي بجنايتك وأن تقري بالذنب طالبة منه الصفح والعفو عسى أن يمهد ذلك لشفاء النفس من أوجاعها ومرارتها، ولعله يفتح الباب لوصل ما انقطع وتحريك ما سكن، وسطي عند زوجك من أقاربك من تلتمسين عنده حكمة وعقلا لعله يقنعه بالعودة ونسيان ما كان وإن لم تنجح المحاولة فتواصلي معه بنفسك واذرفي دموع الندم بين يديه وقدمي وعودا صادقة بالتغير وإن لم يقتنع- فالحمد لله- على كل حال، فاليوم تبدأ حياة جديدة بالنسبة لك واحرصي على رسم صورة جميلة لزوجك عند أولادك واذكريه بالخير دائما, أسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد. شعاع: في المدرسة نتعلم الدروس ثم نواجه الامتحانات .. أما في الحياة فإننا نواجه الامتحانات وبعدها نتعلم الدروس.