أثبتت خبرة الحروب الماضية أن النجاح في العمليات الحربية في حالة الشروط المتساوية يبلغه الطرف الذي يقاتل بفاعلية وحسمية أكثر، والذي يقاتل بإصرار للحصول على (المفاجأة) وفرض الإرادة على العدو وسبقه على العمل القتالي. ويعد مبدأ الفاعلية القتالية مبدأ حديثاً بين مبادئ فن الحروب الأخرى، وقد كتب عنه نابليون وجوفيني وآخرون. والفاعلية القتالية من المبادئ التسعة المعترف بها رسمياً في جيش الولاياتالمتحدةالأمريكية كمبادئ عامة لفن الحرب، ويطلق عليها (مبدأ الهجوم) لأنه بواسطة الهجوم تحرز النتائج الحاسمة ويحافظ على حرية الأعمال، وتسمح الأعمال الهجومية للقائد بأن يمتلك زمام المبادرة، وأن يفرض إرادته على العدو. تتحدد فاعلية الأعمال الحربية بالإمكانيات المكتشفة لوسائط الصراع المسلح الجديدة من جهة أخرى، والمواجهة نحو الاستخدام الأفضل والأقصى لنتائج هذه الوسائط الحربية من أجل التنفيذ الناجح للمهام القتالية والمنبثقة عن الأهداف العامة للصراع المسلح. تتجلى الفاعلية القتالية بوضوح في التأثير المستمر على العدو وباستخدام كافة الشروط للإمكانات القتالية في الوقت المناسب لتوجيه الضربات القوية إلى العدو وتدميره وحرمانه من إمكانية اختيار الشروط والوقت والمكان واتجاه وطبيعة العمل، وشل إرادته وأعماله الحربية. يجب أن نسترشد الفاعلية القتالية دائماً بالهدف القتالي العام وتسعى لبلوغه باستمرار، فالهدف في العمليات الحربية يتمثل دائماً كواجب (مهمة) يجب تنفيذه ويشترط في هذه المهمة القتالية أن يكون واقعية وقابلية للتنفيذ لأنها تقوم أصلاً على التقدير الصحيح للقوى والوسائط والأرض والوقت وغير ذلك من معطيات الموقف القتالي وتمكين تحقيق الواجب (التكتيكي) بعدة طرق، ولكن المهم هو تنفيذ كل مهمة قتالية منفصلة بحيث يؤدي ذلك إلى الاقتراب من المهمات الإستراتيجية (القتالية) المحددة، وأن تأخذ بعين الاعتبار وخلال الواقع والمعارك؛ لأن تأثير العدو سيبقى مستمراً بقيامه بأعماله القتالية (الحربية) المضادة، وسوف يؤدي ذلك إلى تبدل الموقف وظهور عقبات غير منتظرة ومفاجآت قتالية مختلفة قد تؤدي بنا إلى الانحراف عن القرار الأساسي المتخذ، لكنه ومهما كانت ظروف الموقف فلا يجوز مطلقاً نسيان الهدف الرئيسي؛ حيث يجب أن توجه الجهود الرئيسية للقوات وفكر القائد وطاقته مركزان على الواجب القتالي (التكتيكي) العام. ترتبط الفاعلية القتالية أيضاً بالمفاجأة التي تعني الجرأة والحكمة والاندفاع الجريء، وفي السعي لإيجاد أحسن الطرق لتنفيذ المهمة القتالية الموضوعة، وبالاستعداد لتحمل مسؤولية القرارات الجريئة. يتطلب مبدأ الفاعلية القتالية استمرار النجاحات المتحققة وخوض الأعمال الحربية باستمرار مهما كان الوقت أو الطقس أو الفصل والظروف الجوية حتى بلوغ هدف التدمير لكامل العدد. وهذا المطلب يستدعي من القوات نشاطات قتالية لا تنقطع ولا تتوقف مطلقاً ويتطلب أيضاً روحاً معنوية وقدرة تحمل بدنية عالية من كافة الأفراد ويفرض على القادة أن يتمتعوا بقدرة تنظيمية فائقة لخلق الشروط الملائمة لإنجاح وتقرير المهام القتالية وبلوغ الأهداف المخططة مسبقاً. إن اتخاذ ترتيبات قتال عميقة البنية (تشكيلة القتال) وتوفير احتياجات كافية من كافة الأنواع المادية والفنية والقتالية هو الذي يؤمن استمرار تطوير العملية والمعركة من جهة وحل المهام الطارئة من جهة أخرى. إن المطلب الهام لمبدأ الفاعلية القتالية هو الاستخدام المرن لمختلف أنواع الأعمال القتالية مع التركيز على الدور الحاسم للهجوم؛ لأنه لا يمكن تحديد النصر وكسب الحرب إلا بالأعمال الهجومية الحاسمة. وعلى ضوء مبدأ الفاعلية القتالية والحسم يمكن إطالة أمد الحرب وخير مثال على ذلك الحرب الإيرانية العراقية التي جرت أحداثها على (شط العرب) وسعى كل طرف منهما أن يحسمها ويربحها بواسطة الهجوم سعياً وراء تدمير القوى الحية للطرف المقابل وسحقها بالكامل وفرض الشروط على خصمه.