بعد أن أصبحت تحلق على ارتفاعات منخفضة وتقصف بضراوة مقارنة بالأيام القليلة الماضية، أوقعت قاذفات القنابل الامريكية خسائر فادحة وسط تقارير بأن ما لا يقل عن 300 أفغاني لقوا مصرعهم يوم «الخميس»، وذلك في الحملة التي تقودها الولاياتالمتحدة لتدمير شبكة تنظيم القاعدة الإرهاربية الذي يتزعمه أسامة بن لادن في وقت تزايدت فيه التوقعات بحرب برية وشيكة حيث أفادت تقارير إلى دخول قوات برية امريكية إلى باكستان. ففي اليوم الخامس من الغارات العقابية، تزايد القلق في الولاياتالمتحدة إزاء احتمال وقوع هجمات إرهابية جديدة. وفاقم من هذا القلق تحذير قوي أصدره مكتب التحقيقات الفدرالي باحتمال وقوع هجمات «خلال الأيام القليلة المقبلة» وهو أكثر التحذيرات تحديدا لزمن وقوع هجمات محتملة منذ الهجمات الارهابية في 11 أيلول سبتمبر الماضي. ومع إقامة مراسم تأبين والوقوف دقائق صمتا في أنحاء البلاد، أحيت الولاياتالمتحدة ذكرى أكثر من خمسة آلاف من ضحايا الهجمات التي شنها إرهابيون انتحاريون منذ شهر كامل كانوا قد اختطفوا أربع طائرات ركاب مدنية وفجروا اثنتين منها عمدا بمبنى مركز التجارة العالمي في نيويورك، ثم اصطدموا بطائرة ثالثة عمدا أيضا بمبنى وزارة الدفاع «البنتاجون» بينما سقطت الرابعة في حقل زراعي بري في بنسلفانيا. وقال مسؤولون إن الحملة الدولية للقضاء على الإرهاب من جذوره قد عجلت بتشكيل تحالف ليس له مثيل وغير متوقع من جانب أكثر من مائة دولة .. فقد عرضت 36 دولة الإسهام بقوات أو عتاد حربي، و44 دولة منحت حق التحليق في أجوائها، و33 دولة توفر حق هبوط طائرات التحالف في مطاراتها، و14 دولة تعرض منشآتها أمام العتاد العسكري الامريكي. من ناحية، أشارت تقارير لوسائل الاعلام إلى أن القوات البرية الامريكية دخلت بالفعل إلى باكستان استعدادا لشن عمليات برية في أفغانستان المجاورة التي يؤوي فيها نظام طالبان أسامة بن لادن، وهو المشتبه فيه الرئيسي وراء تدبير الهجمات الإرهابية على نيويوركوواشنطن، غير أن مسؤولين باكستانيين نفوا تلك التقارير. وقد ألمح مسؤولون أمريكيون إلى احتمال الانتقال في القريب العاجل إلى المرحلة التالية في الحملة العسكرية الامريكية ضد مواقع طالبان بالاعتماد على القوات البرية الخاصة بعد أن تمكن الطيران الحربي للولايات المتحدة من تحييد المجال الجوي الأفغاني. وبينما أعلنت الولاياتالمتحدة سيطرتها على أجواء أفغانستان، أشار مسؤولون بالبنتاجون إلى تحول الهجوم الذي تقوده واشنطن صوب استهداف القوات البرية لطالبان وتنظيم القاعدة، ومنشآت صيانة مركباتها ومعسكرات تدريب قواتها وتشكيلاتها البرية. وفي إسلام أباد، أكد سفير طالبان عبد السلام ضعيف في بياناته شبه اليومية أن المعركة الحقيقية سوف تبدأ المنازلة مع القوات البرية الامريكية. وكان وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد قد صرح بأن زعماء طالبان الأفغان مستهدفون في الحملة الجوية الامريكية التي تهدف إلى تدمير قدرات القيادة والسيطرة لنظام طالبان. وأكد أن بلاده لا تستهدف مدنيين فما الداعي إلى ذلك ملمحا إلى أنه إذا كان الارهابيون قد شرعوا في قتل آلاف المدنيين الأبرياء في الولاياتالمتحدة، فليس معنى ذلك أن يكون رد فعل واشنطن مماثلا. يذكر أن طائرات شحن عسكرية أمريكية تقوم خلال نفس الحملة بإسقاط شحنات من الأغذية لأبناء الشعب الأفغاني. وكان الرئيس الامريكي جورج دبليو بوش قد وجه كلمة للأمة بمناسبة مرور شهر كامل على هجمات الحادي عشر من أيلول سبتمبر الماضي وذلك من مبنى وزارة الدفاع الامريكية البنتاجون.