هل أصاب رؤوس فتياتنا لوثة عقلية؟ حتى أصبح هوس الوزن الزائد كابوساً يقض المضاجع!! وصار برنامج الحمية، والميزان هو شغلها الشاغل، وتمرض لو زادت!! وتمرض لو صامت!! وتطير من الفرحة لو نقصت غرامات!! فمن ذلك المجنون الذي أقنع شبابنا أن النحافة هي مقياس الجمال؟؟ وهل كلما دخل الأجانب جحر ضب كان لزوماً علينا أن ندخله!؟؟ أم أنها مقولة ابن خلدون (المهزوم يقلد المنتصر)، ستظل تلازم عصر هزائمنا؟؟ لقد كانت البدانة مثار إعجاب كثير من الشعوب، والعرب تغزلوا قديماً بالمرأة السمينة، العبلاء، التي أعلاها خفيف وأسفلها كثيب، وتبارى الشعراء في وصف الأرداف الكبيرة، والتغزل بها، وكانوا يتعوذون من المرأة النحيفة الزّلاّء، وكانوا يقولون: (أعوذ بالله من زلاء ضاوية، كأن ثوبها معلق على عود !!). في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، كان المصريون يفضلونها سمينة، حتى قيل عن الرجال آنذاك إنهم جزارون، لا يحبون إلا السمين، في موريتانيا تسمن الأم ابنتها بالإكراه، لتأهيلها للزواج، حيث إن النحيفة نادراً ما تحصل على شريك حياة، بل وأكثر من ذلك، فإن الموريتانيين يشبهون المرأة النحيفة بالفرخة المنتوفة، عكس الهنود الذين يقولون عن المرأة السمينة إنها لحاف الشتاء، وحين أراد عربي أن ينصح صديقه المقبل على زواج قال له، استوثر لفراشك، يقصد أن يختار السمينة. إن مفهوم الجمال ومواصفاته تختلف من مجتمع لآخر، ومن فترة زمنية لأخرى، فقد كانت بعض الحضارات تفضل المرأة النحيلة في حين فضلت أخرى أن تكون المرأة سمينة، كما هو الحال عند العرب قديما، وإن حاولوا مؤخرا التخلص من هذه الصورة إلا أن الواقع يثبت أن العرب لا يحبون المرأة النحيلة إطلاقا وإن تخلوا قليلا عن تلك الصورة. الخبر الذي يسر السمينات، ويثير حفيظة النحيفات، أن دراسة استمرت لخمس سنوات، قامت بها جاكلين سونا، الاختصاصية في علاج المشكلات الزوجية، أثبتت من خلالها أن نسبة الطلاق في النساء النحيفات أعلى من نسبتها لدى السمينات، وجاءت الدراسة لتؤكد أن الزوجة السمينة تمتلك شخصية مرحة هادئة تدخل السرور على حياة الرجل، لتمتعها بحس مرهف، وشهية كبيرة للمسرات الحسية للحياة، بعكس المرأة النحيفة التي تعيش حالة دائمة من التوتر والعصبية، لقلقها الزائد على وزنها ومظهرها الذي تعتبره عنوان جمالها. وأخيراً، الجمال جمال الروح، وإذا كان العرب يسمون الشيء الدقيق بالسخيف، فإن الإصرار على التخسيس والنحافة ضرب من السخافة، وهي كذلك، ولا تلوموني لو قلت: قل للسمينة بالسُوار الأخرسِ شتّان بين نواعمٍ واليابِسِ شتان بين وسادة من صخرة ووسادة بالريش تحت السُّنْدُسِ * المرأة السمينة كان يسميها العرب خرساء الأساور، لأن الأساور لا تتحرك في معصمها.