فاصلة: (ينبغي للمرء أن يحيا لا أن يوجد فحسب) - حكمة يونانية - حياة المبتعث رحلة خاصة يسابق فيها الزمن ويتمنى أن يسبقه، فيها من الضغوط والتوتر ما إن لم يتغلب عليه فلن يستطيع تحقيق هدفه. الدولة تدفع له رسوم الدراسة الباهظة وتدفع له مكافأة شهرية وتكاليف العلاج وبدلات مختلفة، إنما يجد المبتعث نفسه أمام مسؤولية كبرى سواء كان عازبًا أو متزوجًا، فإن كان عازباً فالوحدة والمسؤولية وان كان متزوجاً فالوقت الذي يسرق منه بسبب تكاليف الحياة ومسؤوليات الزوجة والأطفال. لكن المبتعثة في ابتعاثها تعاني الأمرين سواء كانت عزباء ومعها مرافق يرهقها في تحمل مسؤوليته وقراراته المتهورة في الدراسة أو عدمها إن كان أصغر منها أو كانت متزوجة فتقع عليها مسؤولية الدراسة ورعاية الأسرة في الغربة. المبتعث الزوج يتفرغ للدراسة فهو يضع نصب عينيه هدفه الذي جاء من أجله ومع ذلك فهو يجابه بالضغوط المالية، فالمكافأة لا تكفي رسوم الحضانة حتى وإن كان لديه طفل واحد، فرسوم الحضانات لا تقل عن 4000 ريال شهرياً ومكافأة المبتعث تقريباً لا تزيد عن هذا المبلغ إلا بثلاثة أو أربعة آلاف ريال. وفي بلده يستطيع أن يوكل السائق أو سواه بتسديد الفواتير والمخالفات، أما في الغربة فهو مسؤول عن كل شيء، المسؤولية التي ربما لم يعهدها من قبل. أما المبتعثة الزوجة فإن لم تبتل بمرافق يهددها طوال الوقت بإلغاء بعثتها لأسباب مزاجه أو شخصيته الضعيفة أمام نجاحها، فهي ما بين العمل في المنزل والدراسة في الجامعة ورعاية الأطفال ومستقبلهم الدراسي. يعتقد الناس أن المبتعثين في نعيم؛ لأن الدولة تنفق على دراستهم لكن يغيب عن الناس أن الدولة أيضاً تضعهم في اختبار صعب مع ذواتهم، فالدراسة في الخارج لا تحتاج إلى أموال فقط، إنها تحتاج إلى إنسان يدرك معنى المسؤولية ليبني مستقبله، ويشكر الدولة التي منحته الفرصة ليتعلم الحياة وليس ليتعلم العلوم؛ لأن العلم في كل مكان لكن التجارب الحقيقية هي في السفر بعيداً عن الأهل والبلاد التي ألفتها إلى عالم آخر تختبر فيه الحاضر لأجل المستقبل. [email protected]