أخيراً قرر صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد الابتعاد وترك المجال الرياضي بعد أكثر من 18 عاماً من العمل على قمة الهرم الرياضي السعودي.. كان خلالها قائداً لكل الإنجازات الرياضية السعودية ونموذجاً للإداري الناجح الذي خدم بلاده ووطنه بكل تفانٍ وإخلاص ليكسب حب الجماهير الرياضية وتقدير منسوبي الوسط الرياضي والعاملين فيه. ابتعاد سمو الأمير جاء في توقيت صعب وحرج للرياضة السعودية حيث كانت الأمال معقودة على سموه لعلاج الأوضاع الرياضية المتدهورة التي عاشتها الكرة السعودية خلال السنوات العشر الأخيرة.. لكن القرار الحاسم لسموه كان الأقرب ليغادر الساحة تاركاً الفرصة لغيره ليتولى المهمة ويأخذ فرصته في العمل والإسهام في قيادة الرياضة السعودية لتحقق طموحات جماهيرها. سلطان بن فهد: اسم محبب لكل الرياضيين فقد كان سموه هو الملجأ بعد الله عند اشتداد الأزمات.. ولأن سموه كان الأكثر قرباً من الواقع والأكثر قبولاً لدى الرياضيين بالنظر لحكمة سموه وبعد نظره وسعة صدره.. فلا صوت بعد صوت سلطان ولا قرار بعد قراره وهو ما منحه المرجعية الحقيقية لرياضة الوطن في كل سنواتها.. غير أن الأحداث كانت أقوى وأكبر من أن يتحملها سموه ليقرر المغادرة وترك الساحة الرياضية بكل تعقيداتها... ولأن الحمل ثقيل والمهمة جسيمة فإن خير من يتولى القيادة خلفاً له هو سمو الأمير نواف بن فيصل الإداري الشاب المتحمس القريب من العمل الرياضي والمحرك الفعلي لكل نشاطات اتحاد الكرة ولجانه المختلفة. ولذلك فإن الأمل سيكون كبيراً في قدرة سمو الأمير نواف على معالجة كل مكامن الخلل وإصلاح الوضع وهو العارف ببواطن الأمور والقريب من كل الخطوات التي تمت مؤخراً.. ما يجعلنا نتفاءل كثيراً بقدرة سموه على قيادة رياضة الوطن نحو المزيد من النجاح والتقدم في ظل الفكر الاحترافي المميز الذي يمتلكه والنظرة الثاقبة التي غلفت كل تحركاته كرجل ثانٍ في الرياضة السعودية.. ولعل ما يدفع الجميع للثقة والاطمئنان على مستقبل الرياضة السعودية هو المعرفة التامة للجميع بعقلية الأمير نواف وحرصه على النجاح ونقل الرياضة السعودية نحو الاحتراف الحقيقي بما يمتلكه من خبرة وتجربة على أرض الواقع سيكون لها بإذن الله دور كبير في تلافي كل سلبيات الماضي وإعادة رياضة الوطن للواجهة من جديد. صحيح أن المهمة جسيمة والمسئولية كبيرة لكن الأمير نواف قادر بإذن الله على إثبات صحة كل الآراء والتوقعات والطموحات التي تحيط بسموه كرجل للمرحلة القادمة مرحلة الشباب والعمل والتغيير وقبل ذلك مرحلة الكفاءة التي يجب أن يحملها كل من يتسلم دفة العمل في أي مجال من مجالات الرياضية السعودية. فهنيئاً للأمير نواف المهمة الجديدة وهنيئاً لشباب الوطن نواف الأمل والطموح. اللاعبون هم السبب؟! الآراء التي خرجت بعد خسارة المنتخب السعودي المؤلمة في كأس آسيا صبت جام غضبها على اللاعبين وحملتهم المسئولية كاملة في الخروج المرير.. ومثل هذه النظرة القاصرة بتشخيص أسباب الخروج تعكس الأزمة التي تعيشها الكرة السعودية في معرفة مكامن الخلل وبالتالي معالجتها.. فاللاعبون هم السلاح الذي ننافس به الخصوم وهم الأولى بتمحور كل العمل حولهم كما يحدث في كل دول العالم.. فاللاعب يحتاج لأجواء صحية للعب وبرنامج ثابت ومدروس ليؤدي بشكل منتظم ومتواصل حتى يكون في الفورمة والمستوى عند اللعب لمنتخب الوطن وهذا ما لم نفعله ونوفره له.. فالدوري السعودي يعاني خللاً كبيراً في جدولته وبرمجته ساهم في هبوط مستويات كل اللاعبين.. حيث يلعب اللاعب في شهر أو شهرين عدداً كبيرا ً من المباريات وبشكل مضغوط ثم يتوقف شهرين أو ثلاثة دون لعب ثم يعود ليلعب جزئياً ليتوقف مرة أخرى حتى أصبح اللاعب غير قادر على الاحتفاظ بمستواه وأدائه كما هو اللاعب في جميع دول العالم والذي يلعب بشكل أسبوعي منتظم ويكون في فورمته المعتادة طوال الموسم.. ولذلك يتطور مستواه ويتألق ويمارس مهمته بنجاح.. في حين يعاني اللاعب السعودي حتى يلعب ويعاني أكثر في الحفاظ على مستواه وتطويره وسط برنامج فوضوي لا يراعي الأمور الفنية أو يضع لها حساباً.. ليكون اللاعبون هم الضحية وبدون إرادتهم أو اختيارهم.. ولذلك أقول إن أهم وأول المهام التي يجب أن نطورها ونسعى لها هي الخروج ببرنامج ثابت للدوري بعيداً عن التوقفات والضغوط والإرهاق.. وأن نوفر للاعبين دورياً قوياً مستمراً لا يتوقف سوى في أحلك الظروف ومن ثم نحاسبهم ونطالبهم بالأداء وإن كنت أعتقد أيضاً أن المحاسبة بحد ذاتها ليست حلاً لأن أمام مدرب المنتخب عدداً كبيراً من اللاعبين في كل الأندية يمكنه أن يختار الجاهز منهم ولا يربط مصيره ومصير الكرة السعودية بهذا اللاعب أو ذاك. على أية حال نحن بحاجة لخبراء فنيين يضعون لنا مسابقات معدة بشكل فني صحيح تطور كرتنا وترتقي بأداء لاعبينا وتقدم لنا المواهب لأن هذه هي أبسط الأشياء التي نتطور من خلالها وخلاف ذلك إنما هو تخبط وفوضى سلبياتها ستقودنا نحو التراجع كما حصل سابقاً.. ويكفي أن نعود للخطأ الجسيم الذي حصل قبل كأس الخليج الأخيرة حين تركنا النجوم في منازلهم ودخلنا كأس الخليج بمجموعة أخرى وفي كأس آسيا عدنا للنجوم لنجدهم بعيدين جداً عن مستوياتهم وعن فورمة المباريات والمنافسات لنحملهم المسئولية ونطالبهم بالمستحيل لأنهم أصلاً بعيدون عن الملعب فعلياً لأكثر من شهرين أو ثلاثة ولا يمكن لأي نجم مهما كان حجمه أن يعود من إجازة أو تمارين ليتألق ويبدع إلا نجوم التحليل والتنظير والتخبيص! لمسات فوز منتخبنا على اليابان يكاد يكون مستحيلاً (أكتب قبل المباراة) لكن لو تحقق وهذا ما نتمناه فسيكون وداعاً صادقاً لسمو الأمير سلطان بن فهد وهو يغادر الساحة الرياضية دون عودة. أخطر ما تواجهه رياضتنا هم المطبلون للقرارات الخاطئة والباحثون عن مصالحهم.. وللأسف فإنهم يوافقون رغبة المسئول الباحث عن المصادقين لكل ما يفعل! فترة تسجيل المحترفين الأجانب الشتوية اقتربت من الإغلاق.. والدوري اقترب من الدوران ومعظم الأندية لم تتحرك خطوة واحدة في تعاقداتها التي كان يفترض أنها حسمت منذ أكثر من شهر أو شهرين!!