السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وردتني اتصالات من خارج الرياض تطلب كتابة شكر وتقدير للكاتبة (رقية الهويريني) التي خطت مقالاً (أروع من رائع) في رثائها (لوالدتها) التي هي في الأصل (ضرة أمها) وليست والدتها الحقيقية.. وذلك في الجزيرة يوم الأحد 20-1-1432ه بعنوان (ورحلت أمي مزنة!!) فنزولاً عند طلبهم، ووفاء للكاتبة وشكراً لكل محسن، وتشجيعاً لكل مبدع. أشكر إليك الله يا أخت (رقية الهويريني) على ما سطرته من مرثية نثرية، كانت محبوكة بروائع الكلمات، ومسبوكة ببدائع العبارات بوالدتك (مزنة اليوسف) رحمها الله.. فشكر الله لك وفاءك، ونبل أخلاقك.. فهي وإن لم تكن أماً في الحقيقة فهي أم معنوية، أم في الحنان، أم في التربية، أم في العطف، أم في الدين، أم في الإنسانية... شكراً لوفائك لأمك (ضرة والدتك).. هكذا يجب أن يكون مجتمعنا مجتمعا متحابا، متصافيا، رحيما، ودودا، عطوفا لطيفا.. {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (128) سورة التوبة. دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثوانِ فارفع لنفسك قبل موتك ذكرها فالذكر للإنسان عمر ثانِ!! كل من قرأ هذا المقال تمنى أن يكون هو الميت المَرثِي!! وكل بقعة في الأرض تتمنى أن يُسَجّى على ثراها هذا الجثمان الطاهرة النقية التقية!! قضى طاهر الأردان لم تبق بقعة غداة ثوى، إلا اشتهت أنها قبرُ!! لقد كانت المرحومة (مزنة) على حد وصف الكاتبة (الهويريني) أعجوبة من الأخلاق السامية، فاحتضنت الأيتام، ومسحت دموعهم، وصبرت على لأوائهم، وتحملت حماقاتهم، فرحمها الله رحمة واسعة، ورفع درجاتها في عليين، وأنزلها منازل الصديقين والشهداء والصالحين!!. إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حصل بينهن ما يحصل بين الضرائر من الغيرة والمناكفات والملاسنات.. فكيف بمن تبعد عن عصر النبوة 1432 عاماً؟! لكن صدق النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: (اذكروا محاسن موتاكم، وكفوا عن مساوئهم). وأرجو أن لا يكون هذا من النعي المحظور، الذي هو تعداد محاسن الميت.. فوالله الذي لا إله إلا هو إن هذه المرأة على حد قول الكاتبة لهي أسطورة من الأخلاق مع ضرائرها!! فهي سيرة عطرة، وأيام نضرة، يجب أن تشاع في مجتمعنا ويقرأها الصغير والكبير، وتوضع في المواقع الإلكترونية وفي مجلات أسرة المرحومة، وأبنائها.. وبالمناسبة إذا قلنا المرحومة فهو على سبيل الدعاء لها بأن تكون مرحومة، لا على سبيل الخبر، وعلى هذا يكون هذا اللفظ الذي هو (فلان المرحوم) جائز بهذا الاعتبار والنية كما قاله ابن عثيمين رحمه الله.. إن مجتمعنا بأمس الحاجة لمثل هذه الكتابات المفيدة، التي تزرع الحب والألفة والمحبة، وتنزع جلباب الحقد والضغينة وفي الختام يكفي أمك أنها ميتة موجودة، وهي مفقودة موجودة، غائبة حاضرة، جمع الله شمل أسرتها وجعلهم خير خلف لخير سلف!! عليك سلام الله وقفاً فإنني رأيت الكريم الحر ليس له عُمر!! د. علي بن محمد الحماد - محافظة رياض الخبراء