سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    المملكة تستضيف اجتماع وزراء الأمن السيبراني العرب.. اليوم    تباطؤ النمو الصيني يثقل كاهل توقعات الطلب العالمي على النفط    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    مشيدًا بدعم القيادة لترسيخ العدالة.. د. الصمعاني: المملكة حققت نقلة تشريعية وقانونية تاريخية يقودها سمو ولي العهد    مترو الرياض    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي

أكد فضيلة إمام و خطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي أن المملكة العربية السعودية بلاد الحرمين الشريفين، كانت ولا تزال، وفيَّةً لقضايا المسلمين الكبرى، وتقود زمام المبادرات، للتضامن مع المسلمين، وحماية مقدساتهم، ورعاية أحوالهم، وقد تعاقب ملوك هذه البلاد خاصة، على نصرة قضية فلسطين، والدفاع عن المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث المسجدين الشريفين، ومسرى نبينا صلى الله عليه وسلم، وكانت المملكة العربية السعودية، ولا تزال تؤكد على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الكريم، سائلا الله تعالى أن يوفق خادم الحرمين الشريفين، وقادة بلاد المسلمين، لما فيه خير للإسلام والمسلمين.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي القاها اليوم بالمسجد الحرام : إن اللهَ تعالى أَخَذَ العَهْدَ على الخَلْق، وهمْ في صُلْبِ أبيهِم آدمَ عليهِ السلام، بأن يعبدوه وحده لا يشركون به شيئا:﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ وأرسلَ سبحانهُ الرسلَ مبشرينَ ومنذرين، وجعلَ العلماءَ ورثةَ الأنبياء، وأخذَ عليهم العهد ببيان العلم وعدم كتمانه: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ ﴾ وأمرَ سبحانهُ المؤمنينَ عامة، بالوفاءِ بالعهودِ فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ فالوفاءُ ، خُلق كريم، وسلوك نبيل، وصفة من صفات المتقين، فيه أداء للأمانة، وصيانة للمودة، وحفظ للحقوق، ولا يكون التعاون قائما بين الناس ، إلا بالوفاء بالعهود، وهو مما يسألُ عنه العبدُ يوم القيامة: ﴿ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً ﴾.
وبين فضيلته أن أهلُ الوفاء: هم من التزموا بعهودِ ربهم ، ووقفوا عندَ حدودِه، وامتثلوا أمره واجتنبوا نهيه، قال ابن عباس رضي الله عنهما: " كل ما أحلَّ الله وما حرَّم ، وما فرض في القرآن، فهو عهد "، فإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، والإحسان بالقول والعمل، كل ذلك عهد مع الله تعالى، يجب الوفاء به: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ ﴾.
// يتبع //
13:55ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة أولى
وأضاف الشيخ المعيقلي : إن الوفاء يعظم لمن له حق على الإنسان، من أبناء وإخوان، وزوجة وخلان، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، أوفى الناس بقرابته وزوجاته وأصحابه، فهذه خديجة رضي الله عنها وأرضاها، كانت خير معين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، على تحمل أعباء الدعوة في أولها، فآزرته بنفسها ومالها، فكانت خير زوجةٍ لزوجها، ففي الصحيحين: (( أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ، مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ، أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ، فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لاَ صَخَبَ فِيهِ وَلاَ نَصَبَ )).قَالَ السُّهيْلي: "وهذا مناسب لما كانت عليه خديجة رضي الله عنها ، من حسن الاستجابة والطاعة، فلم تحوج زوجها إلى رفع صوت ولا منازعة ولا تعب؛ بل أزالت عنه كل نصب، وآنسته من كل وحشة، وهونت عليه كل عصيب، وكانت حريصة على رضاه بكل ممكن، ولم يصدر منها ما يغضبه قط؛ فناسب أن يكون منزلها الذي بشرت به من ربها بالصفة المقابلة لفعلها، فهي لم تصخب عليه، ولم تتعبه يوماً من الدهر". انتهى كلامه رحمه الله. فقابَل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفاءَها بوفاءٍ أعظم منه، فعرف حقها وقدرها ومنزلتها ، وظلَّ صلى الله عليه وسلم بعد موتها، يُكثِر من ذكرها وفضلها ومحاسنها، ويتفقد صديقاتها، ومن أحب شيئاً أحب محبوباته، ففي صحيح مسلم: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ يَقُولُ: (( أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ ))، وتقول الصديقة رضي الله عنها وعن أبيها: مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَمَا رَأَيْتُهَا، وَلَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا، وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً، ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ، فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ: كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةُ، فَيَقُولُ «إِنَّهَا كَانَتْ، وَكَانَتْ، وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ», رواه البخاري وبلغ من وفائه صلى الله عليه وسلم، أنه لما دخلت عليه امرأة كانت تدخل عليه أيام خديجة، هش لها وبش، وسر لرؤيتها، ثم قال لأهله: (( أكرموها فقد كانت خديجة تحبها ))، وفي مستدرك الحاكم بسند صحيح، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها وأرضاها، قَالَتْ: جَاءَتْ عَجُوزٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ: لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ أَنْتُمْ؟ كَيْفَ حَالُكُمْ؟ كَيْفَ كُنْتُمْ بَعْدَنَا؟» قَالَتْ: بِخَيْرٍ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمَّا خَرَجَتْ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُقْبِلُ عَلَى هَذِهِ الْعَجُوزِ هَذَا الْإِقْبَالَ؟ فَقَالَ: (( إِنَّهَا كَانَتْ تَأْتِينَا زَمَنَ خَدِيجَةَ، وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ )) وكان إذا سمع صوت هالة أخت خديجة، برقت أساريره، وابتهجت نفسه، قال النووي رحمه الله: " وهَذَا كُلُّهُ، دَلِيلٌ لِحُسْنِ الْعَهْدِ وَحِفْظِ الْوُدِّ، وَرِعَايَةِ حُرْمَةِ الصَّاحِبِ وَالْعَشِيرِ، فِي حَيَاتِهِ وَوَفَاتِهِ، وَإِكْرَامِ أَهْلِ ذَلِكَ الصَّاحِبِ ".
// يتبع //
13:55ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة ثانية
وأردف فضيلته يقول : لقد كان لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فيما رأينا من عظيم وفائه وحفظه للعهود، وردّه للجميل، وإن ذلك ليتأكد في حق الوالدين، حيث أوصى الله بحقهما بعد حقه فقال: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾، فصلة الوالدين قربة، وحديثهما طاعة، ودعاؤهما بركة، فهما أحق الناس ببرك ووفائك، وأولى الناس بحسن صحبتك وإحسانك، وخاصة عند الكِبَر والضَّعف ومظنَّة الحاجة، فقد كنت في صغرك: زينة حياتهم، وريحانة قلوبهم، وغرس آمالهم، يسعدان لفرحك، ويبكيان لمصابك، ولا يسأمان من الدعاء لك، فبرّهما أعظم أجراً من الهجرة والجهاد في سبيل الله، ففي صحيح مسلم: أَن َرَجُلاً أَقْبَلَ إِلَى نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ، أَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنَ اللهِ، قَالَ: «فَهَلْ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟» قَالَ: نَعَمْ، بَلْ كِلَاهُمَا، قَالَ: «فَتَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنَ اللهِ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا» وكان سلفنا الصالح رضي الله عنهم وأرضاهم، يرون برّ الوالدين، أعظم من نوافل العبادات، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: «بِتُّ أَغْمِزُ رِجْلَ أُمِّي، وَبَاتَ أخي يُصَلِّي، وَمَا يَسُرُّنِي أَنَّ لَيْلَتِي بِلَيْلَتِهِ». وفي الأدب المفرد بسند صحيح، أن ابن عمر رضي الله عنهما، قال لرجل: " أَتَفْرَقُ النَّارَ وَتُحِبُّ أَنْ تَدْخُلَ الْجَنَّةَ؟ قُال: إِي وَاللَّهِ، قَالَ: أَحَيٌّ وَالِدُكَ؟ قُال: عِنْدِي أُمِّي، فقَالَ ابن عمر: فَوَاللَّهِ لَوْ أَلَنْتَ لَهَا الْكَلَامَ، وَأَطْعَمْتَهَا الطَّعَامَ، لَتَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ مَا اجْتَنَبْتَ الْكَبَائِرَ ".
وأوضح فضيلة إمام و خطيب المسجد الحرام أن الوفاء مع الوالدين، لا ينقطع بموتهما، فالابن الوفي البار، يشرك والديه معه في صدقاته وبره وإحسانه، ولا ينساهما من دعائه واستغفاره، ففي صحيح البخاري، أن سعد ابن عبادة رضي الله عنه، تصدق ببستان عن أمه وفاء لحقها، فقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِيَ المِخْرَافَ، صَدَقَةٌ عَلَيْهَا وفي سنن أبي داوود بسند حسن، أنه حَفَرَ بِئْرًا وَقَالَ: هَذِهِ لِأُمِّ سَعْدٍ وقَالَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهم وأرضاهم: مَاتَ أَبِي؛ فَمَا سَأَلْتُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حَوْلًا كَامِلًا؛ إِلا الْعَفْوَ عَنْهُ. فعلى نهج الكتاب والسنة، تربى الصالحون الأطهار، من الصحابة والتابعين الأبرار، فهذه سيرهم في وفائهم مع آبائهم وأمهاتهم، قد فاح عبيرها وعلا ذكرها أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً (23) وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً ﴾ .
// يتبع //
13:55ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة ثالثة
ولفت فضيلة الشيخ المعيقلي إلى أن وفاء الإنسان لوطنه ومجتمعه، مما فُطرت عليه النفوس السليمة، وتعاهد عليه أصحاب الأخلاق الكريمة، والأوفياء لمجتمعاتهم ، يرعون عهدها، ويحفظون أمنها، ويصونون ممتلكاتها، ويسعون لعمارتها ، ويحرصون على جمع الكلمة، وطاعة ولاة الأمور ، والوفاء ببيعتهم، والتعاون معهم، وبذلك يعم النفع، وتتحقق المصالح وإن وفاء المسلم يا عباد الله، ليتجاوز أرضه ووطنه، إلى مقدسات وقضايا المسلمين في كل مكان، تحقيقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم :(( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى )).
وأبان فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام أن أعظم الناس وفاء هم الأنبياء، ورسولنا صلى الله عليه وسلم، بلغ المنتهى في الوفاء، ورعاية الوُد، وحِفظ العهد. فمن كريم وفائه صلى الله عليه وسلم بأمَّته، أن بلغ رسالة ربه، وأدى الأمانة، وتركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، وادخر دعوته المستجابة شفاعة لأمته يوم القيامة، ففي الصحيحين، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللهُ، مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا». وفي صحيح البخاري، من حديث الشفاعة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( فَأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ العَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ، شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي، ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَقُولُ: أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ، مِنَ البَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ )) .
وقال فضيلته : إذا كان هذا حبه ووفاؤه لأمته صلوات ربي وسلامه عليه، فحريٌّ بنا، أن نأتمر بأوامره، ونجتنب نواهيه، ونعمل بسنته، ونذب عن دينه، قال القاضي عياض، فِي علامة محبة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اعْلَمْ أَنَّ من أَحَبَّ شَيْئًا آثرهُ وَآثَرَ مُوَافَقَتَهُ ، وَإلَّا لَمْ يَكُنْ صَادقًا فِي حُبّهِ وَكَانَ مُدَّعِيًا ، فالصَّادِقُ فِي حُبِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، من تَظْهَرُ علامةُ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، وَأوَّلُهّا: الاقْتِدَاءُ بِهِ وَاسْتِعْمَالُ سُنّتِهِ ، وَاتّبَاعُ أقْوَالِهِ وَأفْعَالِهِ ، وَامْتِثَالُ أوَامِرِهِ وَاجْتِنَابُ نَوَاهِيهِ ، وَالتَّأَدُّبُ بِآدَابِهِ فِي عُسْرِهِ وَيُسْرِهِ ، وَمَنْشَطِهِ وَمَكْرهِهِ ، وَشَاهِدُ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ انتهى كلامه رحمه الله.
وأكد الدكتور المعيقلي أن من الوفاء لرسولنا صلى الله عليه وسلم، الذي هدانا الله به من الضلالة، وأخرجنا به من الظلمات إلى النور، أن نكثر من الصلاة والسلام عليه، استجابة لأمر ربنا تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ اللّهُمَّ صَلِّ علَى مُحمدٍ وَعَلَى آلِ مُحمدٍ، كَمَا صَلَّيتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحمدٍ وَعَلَى آلِ مُحمدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
// يتبع //
13:55ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي/ إضافة رابعة واخيرة
وفي المدينة المنورة تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالله البعيجان في خطبة الجمعة اليوم عن تعاقب فصول السنة والعبر المستخلصة من تعاقبها , موصيا فضيلته المسلمون بتقوى الله عز وجل .
وقال فضيلته :" إن في تلاحق الدهور وانصرام الفصول وتتابع الشهور واختلاف اليل والنهار لأية لأولي الأبصار قال تعالى (إنّ في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب),تختلف فصول السنة ويتعاقب حر الصيف اللافح مع برد الشتاء القارص وكل لك بحكمة وقدر وأجل مسمى , وقد استقبلتم فصل الشتاء ربيع المؤمنين وغنيمة العابدين وروضة المتقين وميدان المجتهدين ,مد الله ليله للعابدين طويلا قال سبحانه (كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ),وقال ( وبالأسحار هم يستغفرون ),وجعل الله نهاره قصيرا خفيفا على الصائمين فكان بحق غنيمة للفائزين ومضمارا للمتنافسين قال تعالى (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا), ولاتضيعوا الفرصة فأنكم ستسألون .
وذكر فضيلته أنه عندما يتوقى الناس هجير الحر وسعير الصيف ويتهيئون لزمهرير الشتاء فيتخذون السرابيل والدثار ففي ذلك أعظم واعظ وزاجر لأولي الأبصار, فان شدة البرد وشدة الحر نفسان لجهنم ,عن أبي هرير رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ),فما ضنكم عباد الله بجهنم إنها نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة .
وبين فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالله البعيجان أن السنن الكونية تجري في نظام محكم وقضاء وأمر من الله مسَلم, يرحم الله بها من يشاء فتنفعه ويبتلي بها من يشاء فتضرة فهي مسخرة بمشيئة الله عز وجل ,وليس لها مشيئة ولا تدبير قال تعالى ( ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ),فالحوادث الكونية كلها بيد الله وبمشيئته لا شريك له في ذلك .
//انتهى//
13:55ت م
www.spa.gov.sa/1696123


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.