منذ وفاة والدي فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى وأنا أقاوم الرغبة في التطرق لهذا الموضوع لأن قيمته من وجهة نظري تزداد في كتمانه، ولكن لمسة الوفاء من رجل الوفاء صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز حفظه الله حركت نفسي ولم أستطع مقاومة ذلك. فأردت أن أوجز مثالين أو موقفين فقط لسموه الكريم. الموقف الأول: ما لم يكن معلوما للأغلبية من الناس هو ما كان بين صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن عبدالعزيز وبين والدي رحمه الله تعالى من وشائج المحبة والتقدير والبذل في وجوه الخير المختلفة مما يصعب حصره وذكره في مثل هذه العجالة، فقد كان سموه الكريم وفقه الله وسلمه صاحب أياد بيضاء في أعمال خيرية جليلة أجراها الله سبحانه وتعالى على يده عن طريق والدي رحمه الله تعالى . وبعد وفاة الشيخ رحمه الله تداعى محبوه لإقامة مؤسسة خيرية تحمل اسم فضيلته تعنى بنشر علمه وتقوم على استمرار الأعمال الخيرية التي كان رحمه الله تعالى يقوم بها في حياته، فما ان علم سموه الكريم حفظه الله بالموافقة على انشاء هذه المؤسسة الخيرية حتى استبشر وبادر بالتشجيع والعون وأبدى وفقه الله استعداده للمساعدة في أي مشروع خيري يكون داعماً لهذه المؤسسة في أعمالها الخيرية حتى يكون ذلك من الصدقة الجارية التي يعود أجرها وثوابها بإذن الله للفقيد عليه رحمة الله. الموقف الثاني: مر عام أو يزيد قليلاً على آخر تشريف لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز حفظه الله لوالدنا رحمه الله تعالى في منزله كعادة سنوية اعتدنا على انتظارها واعتاد وحرص سموه الكريم على تكرارها في زياراته لمنطقة القصيم، كانت هذه الزيارة تسر نفوسنا وتبهج قلوبنا ونحن نرى ونلمس من خلال هذه الزيارة مدى تقديره حفظه الله للعلم والعلماء. ومضى عام أو يزيد وكان قضاء الله وقدره سابقا ونافذا فتوفي والدنا رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وجاءت زيارة صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن عبدالعزيز سلمه الله هذه الأيام لمنطقة القصيم وحظينا بزيارة وتشريف سموه الكريم لنا في منزل والدنا رحمه الله تعالى فكان لهذه الزيارة أعظم الأثر في نفوسنا كأسرة للشيخ ونفوس محبيه رحمه الله حيث إنها تختلف عن سابقاتها، فبينما كانت الزيارات السابقة لوالدنا في حياته تكريما وتقديرا جاءت هذه الزيارة بعد وفاته رحمه الله وفاءً وعرفانا. وقد توج حفظه الله تعالى هذه الزيارة بالتقائه ببعض الاخوة العاملين والمتعاونين معنا في تسيير وإدارة أعمال مؤسسة والدنا الخيرية الناشئة واطمأن رعاه الله على حسن سير العمل ومدى تحقيق المؤسسة لأهدافها الخيرية. وكعادة سموه الكريم في البذل والعطاء أعلن حفظه الله عن تبرعه لمؤسستنا الخيرية الفتية بمبلغ مليون ريال سنويا، كما وجّه أثابه الله وجعل ذلك في ميزان حسناته بدفع جزء من الزكاة والصدقة كل عام لمؤسسة الشيخ الخيرية ليتم صرفها لمستحقيها من الفقراء والمحتاجين. هذان الموقفان هما غيض من فيض ومواقف صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن عبدالعزيز مع والدي رحمه الله ومع عموم طبقات وشرائح المجتمع أكبر من أن تحصر في عجالة أو تجمع في مقالة. إن وفاءه حفظه الله للعلم والعلماء أمر اعتاده الجميع ولكن هذه خواطر جاشت في نفسي وشجعني على تسطيرها ما لمسناه وما غمرنا به سموه من مبادرات كريمة وخيِّرة، وكم كنت أتمنى لو أستطيع صياغة ذلك في لوحة شعرية أو نثرية جميلة حتى تعبِّر تعبيرا صادقا وافياً عما تكنّه قلوبنا لسموه الكريم حفظه الله ورعاه وأبقاه ذخرا للاسلام والمسلمين. إنني أمام هذه المواقف المؤثرة والمعبّرة من صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن عبدالعزيز لا أملك أنا وأسرتي والعاملين في مؤسسة والدي الخيرية وجميع محبي فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى إلا ان نبتهل الى الله سبحانه وتعالى بالدعاء لسموه الكريم بأن يطيل في عمره ويوفقه للخير أينما كان وأن يجزيه عنا وعن والدنا وعن المسلمين خير الجزاء إنه سميع مجيب. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. رئيس مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية رحمه الله تعالى