كم هو جميل أن يثمن المسؤول جهد العاملين في أعمال البر، ويزداد الموقف جمالاً إذا شارك المسؤول العاملين فرحة تمام عمل مضن دام أكثر من عقد من الزمان، وما واكب هذا الزمن من جهد وما حال دونه من عوائق ربما وصل تذليل بعضها إلى شهور طوال. لكن جهد العاملين يظل ضعيفاً إن لم يواكبه إصرار على بلوغ الهدف، ويرافقه توفيق الله تعالى. هذه قصة هذا الصرح الكبير (مستشفى جمعية البر الخيرية للنساء والولادة بمحافظة عنيزة) الذي تتشرف عنيزة وأهل العمل الخيري خاصة، بتدشين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام له. إن جهد العاملين بالمجال الخيري يظل ضعيفاً إن لم يؤازره توفيق الله تعالى ثم تنظيم يكفل له الاستمرار والانطلاق، وهذا سر كل نجاح، ولقد سنت حكومتنا الرشيدة وفقها الله أنظمة محكمة مستمدة من شريعتنا السمحة، وكفلت للعاملين في المجال الخيري الانطلاق والسمو، فتمكنوا من تحقيق أسمى النتائج. وإن انطلاق جمعية البر بعنيزة في دروب كثيرة من أعمال البر خير شاهد، لن أعدد بالأرقام، ولن أتحدث بإسهاب عن تلك الأعمال، فما نحن فيه اليوم خير شاهد، لكني أشير إلى بعض الأمور، مثلاً تزويج ما يزيد على 1600 شاب، ومساعدة ما يقارب ال 4000 أسرة، وبناء أو ترميم ما يزيد على 300 سكن، والإشراف على دار لرعاية الأيتام رعاية تربوية وتعليمية 000 إلخ هذه الأعمال الطيبة التي تثلج الصدر، كل هذا وغيره من أعمال يحتاج إلى عون المحسنين وبذلهم، فمنهم البذل ومن القائمين على العمل الخيري بذل الجهد والوسع. وإن توجيه الصدقات والزكوات إلى جمعيات البر في هذا الزمن أنجع وأفضل في زمن أصبح وجودها فيه مطلباً اجتماعياً وشرعياً، ذلك أننا نعيش في زمن انشغل كثير من الناس بمعاشهم وأنفسهم، وغفلوا عن أهليهم وعشيرتهم، وتوافد كثير من سكان الهجر والقرى إلى المدن طلباً لحياة المدينة، فصار التعرف على حاجات المحتاجين أمراً عسيراً، ثم إن تحديد المستحق للزكاة أصبح صعباً في زمن تساوى معظم الناس في مظاهرهم، واختلفوا في بواطنهم، وقل عند طائفة كثيرة منهم خوف الله، فصار المنفق يسأل أين يضع زكاته وصدقته. هذه الأمور وغيرها جعل وجود الجمعيات المتفرغة للبحث والتحري والعطاء المنظم أمراً لابد منه، فسارعت حكومتنا وفقها الله إلى تنظيم أعمال الجمعيات ودعمتها دعماً مادياً ومعنوياً فجزاهم الله عنا خير الجزاء، ثم إن تقديم الزكوات والصدقات إلى الجمعيات يمكن المنفق من وصول صدقته إلى أنواع كثيرة من المحتاجين وأصناف كثيرة من أعمال البر، وفرصة لاستغلال الأزمان الفاضلة للانفاق، وتقوم الجمعيات بانفاقها خلال العام. فحياهلاً ببذل الباذلين، وإنفاق المنفقين، جعلنا الله وإياكم منهم.