ذكانت صيحة الايرانيين بعد قيام الثورة الاسلامية «الموت لامريكا» ولكن عندما هتف مصلون بهذا الشعار بعد صلاة الجمعة أمرهم حراس الامن بالتوقف. وبينما يتأهب عدو لدود لايران هو الولاياتالمتحدة ليضرب عدوا آخر هو حركة طالبان الحاكمة في أفغانستان المجاورة يبدو أن طهران ستلتزم الحياد كما حدث في أزمة الخليج 1990/1991 عندما احتل العراقالكويت وقيام تحالف دولي بقيادة الولاياتالمتحدة ضد عدو آخر وهو بغداد. سارع الرئيس الايراني محمد خاتمي بالتنديد بالهجوم الانتحاري على نيويوركوواشنطن يوم الثلاثاء وقال «يجب التنديد بالارهاب وعلى المجتمع الدولي اتخاذ تدابير فعالة لاستئصاله». وحتى المحافظين نددوا بالحادث الشنيع وقال حسن روحاني المسؤول الامني البارز «لا يمكن لمسلم ان يقبل مثل هذه الكارثة الانسانية». وبينما لا تزال امريكا «الشيطان الأعظم» لكثيرين في ايران فان حركة طالبان تحظى بكراهية أشد وتتهمها طهران بتشويه الاسلام. وقال محلل ايراني طلب عدم ذكر اسمه «الدول الاسلامية التي تعتبر طالبان مصدرا للحرج لن تهتم اذا ضربتها الولاياتالمتحدة». وتتبع طالبان السنية تفسيرا متطرفا للاسلام يعتبره منتقدون قمعا وعودة الى القرون الوسطى. وندد زعماء ايران بممارسات طالبان وقالوا انها تسيء الى صورة الاسلام. ولقيت دعوة الملا محمد عمر زعيم طالبان بالجهاد اذانا صماء في ايران. وتدعم ايران التي تجاهلت الدعوة للجهاد مقاتلي حزب الوحدة الذين يمثلون السنيين الافغان وتضطهدهم طالبان وتتهمهم بأنهم خوارج. وقبل الهجوم الارهابي على واشنطنونيويورك دقت أجراس الانذار في طهران بخبر محاولة اغتيال حليف اخر هو أحمد شاه مسعود زعيم التحالف الشمالي في أفغانستان. وبدأت محادثات فورية مع حلفاء مسعود.. ايران وروسيا والهند وأوزبكستان وطاجيكستان بحثوا فيها امكانية تزويد التحالف المناهض لطالبان بمعونات عسكرية وفنية وانسانية. والان وقد تأكدت وفاة مسعود «أسد بانجشير» تدرك هذه الدول أن منح هذه المساعدات بات أكثر أهمية للحيلولة دون استيلاء طالبان على بقية أفغانستان. وسبب آخر لمعارضة ايران لطالبان انها تعتبرها امتدادا لنفوذ باكستان المجاورة. وأعربت صحف ايرانية عن شماتتها في باكستان التي تجد نفسها في مأزق بين تأييدها لطالبان وضغط الولاياتالمتحدة. وقالت صحيفة طهران تايمز الناطقة بالانجليزية «تحول حلم باكستان الجميل الى كابوس». وقال يوسف مولاي الاستاذ بجامعة طهران «أفضل شيء تفعله ايران التمسك بموقفها وعدم التدخل لانه لو حدث شيء ستكون ايران اول من يعاني». وشهدت ايران النهاية المشينة للغزو البريطاني لافغانستان في القرن التاسع عشر ثم السوفيتي في النصف الثاني من القرن الماضي ولا تريد ان يحدث لها نفس المصير. وقال مولاي «اذا تدخلنا تأييدا للولايات المتحدة في ضرب طالبان فاننا لا نستطيع معرفة موعد وتكلفة خروجنا من المستنقع الافغاني».كما أن ميزان القوى الحساس داخل ايران لا يسمح بعد باصلاح الجسور مع الولاياتالمتحدة. والبعض في واشنطن قد يرفض الفكرة اذ لا تزال ايران على قائمة وزارة الخارجية الامريكية للدول التي ترعى الارهاب. ووصف مسؤول بوزارة الخارجية الامريكية موقف طهران من الهجمات الارهابية التي وقعت فى الولاياتالمتحدة بأنه «ايجابي». ويسعى الاصلاحيون الايرانيون منذ وقت طويل لتحسين العلاقات مع واشنطن لتخفيف عزلة ايران الدبلوماسية ويعتقدون أن الازمة الحالية قد تحدث انفراجا في الوضع. بيد أن الجناح المتشدد في ايران لا يتورع عن تشويه الحقائق ليتجنب تأييد طالبان أو الولاياتالمتحدة. وأصرت صحيفة كايهان المحافظة على أن الهجمات على نيويوركوواشنطن كان لا يمكن تنفيذها بدون تواطؤ سلطات امريكية. وقالت «الطيارون قاموا بالعمليات الانتحارية بكامل حريتهم وموضوع الاختطاف اختلاق وكذب».