بوتين لا يستبعد استهداف «مراكز صنع القرار» في كييف    فرع ⁧‫هيئة الصحفيين السعوديين‬⁩ في ⁧‫جازان‬⁩ يختتم برامجه التدريبية بورشة عمل "أهمية الإعلام السياحي    السفير الأميركي: سعيد بمشاركة بلادي في "بلاك هات"    إعادة انتخاب المملكة لعضوية المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية    برشلونة يعول على عودة جمال لتصحيح مساره في الدوري    مالكوم يعود مجددًا ويشارك في تدريبات الهلال    التعاونية توقِّع شراكة جديدة مع شركة اليسر للإجارة والتمويل (اليسر) لصالح قطاع التأمين على الحياة    مفتي عام المملكة ونائبه يستقبلان مدير فرع الإفتاء في منطقة جازان    تكلفة علاج السرطان بالإشعاع في المملكة تصل ل 600 مليون ريال سنويًا    أمير تبوك يستقبل المواطن مطير الضيوفي الذي تنازل عن قاتل ابنه    برعاية أمير جازان.. الأمير محمد بن عبدالعزيز يفتتح المعرض التقني والمهني بالمنطقة    طلاب مدارس مكتب التعليم ببيش يؤدون صلاة الاستسقاء في خشوع وسط معلميهم    أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية التوحد بالمنطقة    برنامج مفتوح لضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة "بتلفريك الهدا"    وزير الداخلية يلتقي رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية    بناءً على توجيه ولي العهد .. عبدالعزيز بن سعود يلتقي رئيس الجزائر    وزير البلديات يقف على مشروع "الحي" بالمدينة    «حزب الله» في مواجهة الجيش اللبناني.. من الذي انتصر؟    تأهيل عنيزة يستضيف مؤتمر جودة حياة الأشخاص ذوي الإعاقة الدولي الشهر القادم    أمير تبوك يوجه بتوزيع معونة الشتاء في القرى والهجر والمحافظات    انعقاد الاجتماع التشاوري للدورة 162 لمجلس الوزاري الخليجي    الأمير عبدالعزيز الفيصل يتحدث عن نمو السياحة الرياضية    محافظ الطوال يؤدي صلاة الاستسقاء بجامع الوزارة بالمحافظة    القيادة تهنئ رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية بذكرى استقلال بلاده    اليونسكو: 62% من صناع المحتوى الرقمي لا يقومون بالتحقق الدقيق والمنهجي من المعلومات قبل مشاركتها    انخفاض أسعار النفط وسط زيادة مفاجئة في المخزونات الأميركية وترقب لاجتماع أوبك+    بالتضرع والإيمان: المسلمون يؤدون صلاة الاستسقاء طلبًا للغيث والرحمة بالمسجد النبوي    الدكتور عبدالله الوصالي يكشف سر فوزه ب قرص الدواء    محافظ صبيا يؤدي صلاة الإستسقاء بجامع الراجحي    1500 طائرة تزيّن سماء الرياض بلوحات مضيئة    «الدرعية لفنون المستقبل» أول مركز للوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا    السعودية ترأس اجتماع المجلس التنفيذي ل«الأرابوساي»    «مساندة الطفل» ل «عكاظ»: الإناث الأعلى في «التنمر اللفظي» ب 26 %    27 سفيرا يعززون شراكات دولهم مع الشورى    في «الوسط والقاع».. جولة «روشن» ال12 تنطلق ب3 مواجهات مثيرة    الداود يبدأ مع الأخضر من «خليجي 26»    وزير الصحة الصومالي: جلسات مؤتمر التوائم مبهرة    السياحة تساهم ب %10 من الاقتصاد.. و%52 من الناتج المحلي «غير نفطي»    الكشافة يؤكدون على أهمية الطريقة الكشفية في نجاح البرنامج الكشفي    سلوكياتنا.. مرآة مسؤوليتنا!    شخصنة المواقف    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    الشائعات ضد المملكة    بحث مستجدات التنفس الصناعي للكبار    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان يُعيد البسمة لأربعينية بالإنجاب بعد تعرضها ل«15» إجهاضاً متكرراً للحمل    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    تقليص انبعاثات غاز الميثان الناتج عن الأبقار    «واتساب» تختبر ميزة لحظر الرسائل المزعجة    التويجري: السعودية تُنفّذ إصلاحات نوعية عززت مبادئها الراسخة في إقامة العدل والمساواة    الزميل العويضي يحتفل بزواج إبنه مبارك    المملكة ضيف شرف في معرض "أرتيجانو" الإيطالي    تواصل الشعوب    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    اكتشاف الحمض المرتبط بأمراض الشيخوخة    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأليف: الدكتور عاطف عدلي العبد
الإعلام وثقافة الطفل العربي قراءة وتعليق: حنان بنت عبدالعزيز ابن عثمان بن سيف
نشر في الجزيرة يوم 16 - 09 - 2001


اسم الكتاب: الإعلام وثقافة الطفل العربي
اسم المؤلف: الدكتور عاطف عدلي العبد
الطبعة: دار المعارف، وجاء الكتاب ضمن سلسلة اقرأ الثقافية الشهرية، العدد 603 نوفمبر 1995م
تربية الطفولة التربية المثالية المتحضرة هي هاجس كل أسرة، تطمح إلى مستقبل زاهر، وتمني نفسها بحياة مزدهرة، بل إن تربية هذه الطفولة ورعايتها حق الرعاية هو حلم كل مجتمع ناهض، وتحتاج تربية الطفولة إلى رعاية شاملة صحية، غذائية، اجتماعية، تعليمية ثقافية إعلامية، وقد قامت حول هذا الموضوع دراسات كثيرة، كان منها تلك الدراسات التي أقيمت حول دراسة الوضع المثالي للطفل، واشارت في احصائياتها إلى أن نسبة الطفولة تقريباً في الوطن العربي ما يقرب من نصف المجتمع، وهي نسبة كبيرة ليست بالهينة ولا القليلة، وبينت أن الحياة المتحضرة العملية أدت إلى انكماش نسبي في دور تربية الأسرة للطفل، وزاد انهماك الطفل في مشاهدته لوسائل الإعلام، حيث أخذ في مشاهدة المناسب لعمره وغير المناسب، وزادت عدد الساعات التي يطالع فيها الطفل وسائل الإعلام، بل إن بعض الأمهات يعتمدن على التلفاز بشكل خاص، فيوجهن أطفالهن إلى مشاهدته أثناء تأديتهن لاعمالهن المنزلية، ويناقش هذا الكتاب الذي بين يدي الان هذه المشكلة الواقعة، معرجاً على سلبياتها وايجابياتها، وفي مقدمة الكتاب اشارة الى خطرين يكمنان من جراء صرف الأمهات الأطفال الى مشاهدة التلفاز، خاصة في فترة انشغال الامهات، حيث يقول المؤلف معقباً على هذا التصرف :(وتكمن الخطورة في جانبين: أولهما أن الأطفال يشاهدون في الغالب المواد التلفزيونية المعدة للكبار، وثانيهما أن هؤلاء الأطفال يجلسون بمفردهم أمام التلفزيون لانشغال الامهات عنهم، مما يزيد من احتمال التأثر بدرجة كبيرة، فالطفل لا يجلس سلبياً امام جهاز التلفزيون، وإنما كما شبهه هوفمان كقطعة الاسفنج التي تمتص كل ما تتعرض له) وقد فرع المؤلف مباحث هذا الكتاب إلى ثلاثة مباحث: المبحث الأول: واقع وسائل الإعلام الموجهة للطفل العربي، والمبحث الثاني: مجالات التأثير الإيجابية لوسائل الإعلام على ثقافة الطفل، والمبحث الثالث والأخير مجالات التأثير السلبية لوسائل الإعلام على ثقافة الطفل، وأشبع المؤلف مباحثه الثلاثة درساً وتمحيصاً واستقصاءً، ويندرج تحت كل مبحث تفريعات متعددة، فالمبحث الأول يضم بين دفتيه عدة نقاط ألمح إليها مؤلف الكتاب، والنقطة الأولى تتناول واقع برامج الأطفال التلفزيونية، فالتلفزيون هو أكثر وسائل الإعلام التي يتعرض لها الأطفال في الوطن العربي، واشارت الدراسات الى تعاظم مكانته عند الأطفال خاصة الذين تتراوح اعمارهم ما بين (3) سنوات الى (16) سنة حيث يشاهدون ما يقرب من ست ساعات يومياً، والاطفال يقبلون على مشاهدة البرامج التلفزيونية المعدة لهم، كما يقبلون على مشاهدة البرامج المعدة لغيرهم، واجريت دراسات كثيرة حول برامج الاطفال المذاعة في الوطن العربي، ومدى فعاليتها وسلبياتها وايجابياتها وكما يقول المؤلف :(ولعل اخطر ما يواجه برامج الاطفال ويهدد دورها في تثقيف الطفل العربي اعتمادها على المضمون الاجنبي، إذ يهدد هذا المضمون الذاتية الثقافية للمجتمعات التي يعرض فيها، وقد يكون من العوامل التي تساعد على اهتزاز انماط القيم السائدة في المجتمع، وتزداد الخطورة حينما يشاهده الاطفال والشباب، حيث ينظرون إلى ما يشاهدونه على الشاشة كواقع)، والنقطة الثانية حول واقع برامج الاطفال الاذاعية، فهي وسيلة متميزة حيث يصل إرسالها إلى أماكن عديدة متخطياً الحواجز الطبيعية مثل الجبال والأنهار، كما أنها تعتبر وسيلة مناسبة للطفل لمقدرتها على إثارة خياله، يساعدها على ذلك الأصوات الطبيعية التي توحي للطفل بمعان مختلفة، تثير فيه الانفعالات، والاحاسيس وتقرب إليه المفاهيم، إلا أن برامج الإذاعة في الوطن العربي تتخللها بعض السلبيات ومنها: قلة الوقت المخصص لبرامج الأطفال وقلة عدد العاملين في برامج الأطفال، والنقطة الثالثة جاءت تحت عنوان- واقع سينما الاطفال، فالسينما من اهم وسائل الاتصال، وتتزايد اهميتها في الوطن العربي بسبب ارتفاع الامية، ولكن هذه السينما تعاني من معوقات عدة مثل: اللغة العربية الواحدة المفقودة، ورأس المال اللازم لانتاج هذه الافلام، اضافة الى قلة الكوادر والامكانيات الفنية، وأما النقطة الرابعة فعنوانها واقع صحف ومجلات الاطفال، حيث ان الصحافة لها دورها البالغ في تنمية الطفولة عقلياً وعاطفياً واجتماعياً ، لانها اداة توجيه وإمتاع وذوق، وهي تجيب على كثير من اسئلة الاطفال، وتسعى الى اشباع خيالاتهم، وتنمية ميولهم القرائية، ويرى أحد المتخصصين القلائل في صحف الاطفال ان الصحافة لا تقل في رسالتها عن الاسرة بالنسبة للطفل وتلعب دوراً هاماً في عملية تثقيفه وتشكيل شخصيته كما يقع على عاتقها مسؤولية توسيع دائرة معارفه، غير أن هذه الصحف والمجلات لا تخلو من سلبيات لندرتها وقلتها، كما أن هذه المجلات لا تناسب إلا مرحلة التوسع في القراءة من سن 9-14 سنة، بينما لا توجد مجلات لمرحلتي: ما قبل المدرسة، وبداية القراءة، ومن هذه السلبيات اعتماد هذه المجلات بدرجة كبيرة على المصادر الاجنبية بصفة عامة، والمصادر الأمريكية بصفة خاصة، والنقطة الخامسة من هذا المبحث تناولت واقع كتب الاطفال ، حيث ان الكتاب ما زال يشكل الركيزة الاولى من ركائز ثقافة الطفل على الرغم من المنافسة الشديدة التي يلقاها من وسائل الاعلام المختلفة المسموعة والمرئية، والمقروءة، ولم تكن توجد قبل القرن التاسع عشر سوى بضعة كتب قليلة كتبت خصيصاً للاطفال، وبدأ الاهتمام بالكتابة للاطفال منذ اواخر القرن الماضي على يد رفاعة الطهطاوي، ثم جهود كامل الكيلاني الذي اخرج عدة سلاسل للاطفال منذ بداية الثلاثينات من هذا القرن، وتعاني كتب الاطفال من مجموعة سلبيات من اهمها: قلة كتب الاطفال، وعدم وجود توازن بين مختلف اصناف المعرفة التي تتناولها كتب الاطفال، حيث يغلب عليها القصص، وبعض هذه الكتب على الرغم من قلتها غير صالحة تربوياً للاطفال، كما انه ينقصها الكثير من المعلومات التي يحتاج اليها الطفل العربي، كالمعلومات العلمية والصحية، كما ينقصها تناول مشكلات المجتمع والمفاهيم الناتجة عن التغير الحضاري للمجتمع، ومن سلبياتها ايضاً الاقبال على كتب الالغاز والجريمة التي لا تناسب موضوعاتها الطفل العربي، ويرى احد خبراء الطفل انه آن الأوان لكي ننتبه الى هذا اللون البشع من الغزو الثقافي الذي يستهدف الربح المادي فقط على حساب ثقافة الاطفال، ثم تناول المؤلف النقطة الأخيرة في هذا المبحث وهي واقع مسرح الاطفال، على اعتباره وسيلة هامة من وسائل تثقيف الطفل العربي وهو عدة انواع، من اهمها المسرح التعليمي الذي يعتمد على نصوص معدة سلفاً ومن سلبيات هذا المسرح ما يلي:
عدم وجود مسرح قومي مستمر، ومدعم للاطفال في الدول العربية، ثم عدم التخطيط المتكامل لتشجيع الكتابة، والاخراج لاعمال مسرحية جيدة للاطفال، وعدم وجود صلة واضحة بين التلفزيون، والمدارس وبين مسارح الاطفال. وبعد ان اشبع المؤلف مبحثه الاول افاضة وشمولاً انتقل الكتاب بنا الى فرعه الثاني وهو مبحث مجالات التأثير الايجابية لوسائل الاعلام على ثقافة الطفل، وكان هذا الانتقال في لغة سلسة فصيحة، وفي انسياب وتدرج رائعين، وقد قدم لهذا المبحث بمقدمة، استعرض فيها اهم المجالات الايجابية لوسائل الاعلام على ثقافة الاطفال، وهي التالية:
اولاً: دور وسائل الاعلام في امداد الطفل بالمعلومات، وحول هذه النقطة اشارة الى اهمية التلفاز بين وسائل الاعلام المختلفة، ومما جاء في الكتاب: (ويكتسب التلفزيون اهمية خاصة من بين وسائل الاعلام المختلفة حيث يتميز باهمية خاصة عند الطفل، لانه جهاز قادر على الترفيه والتثقيف في وقت واحد، ومن ثم يؤثر على عقلية الطفل ووجدانه، ويعتبر اداة هامة للتعليم المباشر اذ ينقل الى الفرد المعلومات والمعارف والاخبار المحلية المختلفة، ويقدم له الكثير من عادات وتقاليد الجماعات والمجتمعات المختلفة، وتزداد اهمية التلفزيون في مجال تثقيف الطفل لانه يجذب انتباه الاطفال من سن سنتين تقريباً، ويقضي الاطفال فترة طويلة في مشاهدته من ناحية، واحتل مكان باقي وسائل الاعلام من ناحية اخرى، ولانه يخاطب حاستين من الحواس وهما حاستي البصر والسمع، ومن المعروف ان الوسيلة التي تخاطب اكثر من حاسة من حواس الطفل يكون اثرها التعليمي اكر عمقاً ودواماً من الوسائل التي تخاطب حاسة واحدة فقط ويجمع التلفزيون بين الصوت والصورة.. حيث تساعد الصورة عموماً وحركات المذيع وتعبيرات وجهه في توصيل الرسالة الاعلامية وتكملتها، وتعتبر اولى العناصر الرئيسية المكونة للبرامج التلفزيونية، ولذلك يفوق تأثير التلفزيون كل وسائل الاتصال الاخرى، فالصورة كما يقول احد الخبراء: تقوم مقام الف كلمة، أو كما ذهب خبير آخر إلى أنها تقوم مقام عشرة آلاف كلمة طبقاً للحكمة الصينية القديمة.
ثانياً: دور وسائل الإعلام في خلق آراء عن الموضوعات الجديدة عند الاطفال، ويرى بعض الباحثين أن وسائل الإعلام تستطيع خلق آراء عن الموضوعات، وتقول هملوايت :(إن التلفزيون يمارس نفوذاً عندما لا تكون الصور والآراء التي قدمها قد وقرت في الأذهان والقلوب من قبل، وحين يسبغ من ألوان المعرفة ما لم يكن قد سبق الظفر به من مصادر أخرى).
ثالثاً: دور وسائل الإعلام في تكوين الصور الذهنية عند الأطفال، وفي مطلع حديث المؤلف عن هذا الموضوع أشار إلى عدة تعاريف تناولت مصطلح الصورة الذهنية بالشرح والتبسيط، ومن هذه التعاريف التعريف الآتي: الصورة الذهنية هي الناتج النهائي للانطباعات الذاتية، التي تتكون عند الأفراد أو الجماعات إزاء شخص معين، أو نظام معين، أو شعب معين، أو جنس معين، أو منشأة أو مؤسسة أو منظمة محلية أو دولية أو مهنة معينة أو أي شيء آخر يمكن أن يكون له تأثير على حياة الإنسان، وتتكون هذه الانطباعات من خلال التجارب المباشرة وغير المباشرة، وترتبط هذه التجارب بعواطف الافراد واتجاهاتهم بغض النظر عن صحة المعلومات التي تتضمنها خلاصة هذه التجارب، فهي تمثل بالنسبة لاصحابها واقعاً صادقاً ينظرون من خلاله إلى ما حولهم ويفهمونه أو يقدرونه على اساسها، وبعد هذه التعاريف المختلفة والمتعددة، انتقل المؤلف إلى الحديث عن العوامل الأساسية في تكوين الصور الذهنية فقال: (والخلاصة أن القدرة على الفهم وادراك المعاني هما العاملان الاساسيان في تكوين الصورة الذهنية التي هي المحصلة النهائية لفك الرموز والاستجابة للمؤثرات التي نتعرض لها، وستظل وسائل الإعلام الجماهيرية تلعب دوراً رئيسياً في إمداد الأطفال بصفة خاصة، والأفراد والشعوب بصفة عامة بالمعلومات والرسائل التي تتكون منها الصور المنطبعة).
رابعاً: دور وسائل الإعلام في اشباع الاحتياجات الانسانية لمرحلة الطفولة، ومن أهم هذه الاحتياجات التي تسعى وسائل الإعلام إلى إثراها، حاجات النمو العقلي، وتساهم وسائل الإعلام مساهمة فعالة في تثقيف الطفل العربي، ومن هذه الاحتياجات: الحاجة إلى البحث والمعرفة والاستطلاع، والحاجة الى تنمية المهارات العقلية واللغوية.
ثم شرع المؤلف في حديثه عن المبحث الثالث وعنون له بالعنوان التالي:
مجالات التأثير السلبية لوسائل الإعلام على ثقافة الطفل وتناول المبحث قضية واحدة من سلبيات وسائل الإعلام وهي نشر العنف والرعب، ويقول الكتاب وكاتبه حول هذا الموضوع :(وترى نظرية التعلم من خلال الملاحظة أن التعرض لوسائل الإعلام يزيد من احتمال العدوانية عند المستقبلين من خلال ما يلي:
- تزويد المشاهدين بفرص لتعلم العدوان والعنف.
- تقديم شخصيات شريرة يمكن تقليدها، فلقد تبين ان المشاهدين يقتدون في اغلب الاحيان بالشخصيات المتحدة معهم في الجنس والسن والظروف الاجتماعية والاقتصادية، وقد اشارت الدراسات العلمية إلى مئات من السلوكيات المماثلة لهذا العنف والعدوان والعنفوان أثرت في ثقافة الاطفال، وخلقت عندهم هذه الروح السيئة، وفي الكتاب اشارة الى كثير من الدراسات العلمية التي كان هذا الموضوع هو الهدف الرئيسي من قيامها، ويشير الكتاب الى دراسة ولبر شرام لهذا الموضوع ومدى تأثير الاطفال به، ويلخص نتائج هذه الدراسة في الآتي:
أولاً: ان بعض الاطفال يخلطون بين عالم الواقع والخيال، فيطبقون هذه التصرفات في حياتهم اليومية العادية.
ثانياً: ان الاطفال الذين يشاهدون التلفاز وفي انفسهم ميل نحو الاعتداء يحتمل ان يتذكروا الاعمال العدائية ويقوموا بمثلها.
ثالثا: بصرف النظر عن المبادئ الاخلاقية والقيم نجد الاطفال على استعداد لتذكر العنف واستعمال اساليبه.
رابعاً واخيراً: يرغب الاطفال في ان يكونوا مثل الشخصيات الناجحة التي يرونها في الخيال، ويميلون الى تقليدها سواء أكانت خيرة ام شريرة. وبهذه النقطة الاخيرة ختم المؤلف حديثه عن مدى تأثير وسائل الإعلام والاتصال على شخصية وثقافة الطفل العربي على مستوى اطفال الوطن العربي كله، واتبع هذا بفهرس تفصيلي للمراجع والهوامش ثم فهرس الموضوعات. وحقيقة ان هذا الموضوع الذي طرقه الكتاب يعد من اهم وامتع الموضوعات، خاصة انه يمس جانباً هاماً من جوانب حياتنا اليومية وهو الإعلام، ويتوجه بدراسة خصائص هذا الجانب الهام وتطبيقه على شريحة من اهم شرائح مجتمعنا، وهي الاطفال فلذات اكبادنا، وضياء بصائرنا، وقد عرض المؤلف مؤلفه بلغة تربوية عالية، بعيدة عن خلوص اللغة العلمية التي تعنى بمثل هذه الموضوعات، وختم كتابه وضمنه ملخصات هامة وجيدة لكثير من الدراسات التي بحثت في هذا المجال واهتمت به، وهو يضع مسألة الإعلام في الميزان، حاكياً الايجابيات والسلبيات، وانه يمكن توجيه هذا الكم الإعلامي الصاخب في مجال تثقيف المجتمع، وتربية اجياله التربية المثالية الصالحة، فتأثيرها السلبي يمكن ان يتحول بتلقائية سريعة إلى تأثير ايجابي هادف، فكما ان هذه الوسائل الإعلامية يمكن ان تكون مروجة لمظاهر العنف والعنفوان، فهي ايضاً يمكن ان تكون مروجة لثقافة علمية وحضارية، خاصة أن التلفاز يتمتع بجانبين مهمين وهما جانب الصورة وجانب الصوت، وما يراه الطفل ويسمعه يرسخ في ذاته وذاكرته أكثر من غيره، كما أشارت إلى هذا الدراسات التربوية والعلمية التي جاءت بين دفتي هذا الكتاب.
هو موضوع جد خطير وجد هام وعلينا أن نوليه الشيء الكثير من الاهتمام والانتباه والرعاية الخاصة.
للتواصل ص.ب54753


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.