يعمل ملايين الأطفال في أشد المهن شقاء من أجل إعالة عائلاتهم بحيث ان الحياة لا تسمح لهم بأي خيار آخر، وذلك بسبب الفقر في العالم الثالث الذي يدفع بالأطفال إلى التسارع في مغامرات قاسية للبحث عن لقمة الطعام. وهناك دول عديدة في العالم الثالث يعاني الأطفال فيها من الشقاء والحرمان ويعملون في مهن يصعب على الكبار تحملها. ففي الهند مثلا أكثر من ثلاثة ملايين طفل يعملون في مصانع أحجار الباطون ومصانع الآجر، حيث يخدمون في الأفران التي يتم فيها حرق الآجر، عدا عن وجود 131 ألف طفل يعملون في حياكة السجاد، وغيرهم في صناعة الأقفال وفي صقل الأحجار. وفي أكثر من دولةيوجد الآلاف من الأطفال يعملون في المصانع والمناجم والمعامل ومحطات البنزين والنقل وبيع الصحف والمطاعم والمطابع وورشات البناء. وللأسف فان غالبية هؤلاء الأطفال يعتاد لغياب السلطة والأهل على التدخين والمخدرات. فقد أعلنت إحصائيات لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أن شبكات الدعارة في بعض الدول الآسيوية تستقطب سنوياً قرابة مليون طفل، يؤخذون عنوة أو تحت اغراء المال ليكونوا بتصرف الزبائن. وفي بنغلاديش حيث الفقر، هناك ثلاثة ملايين طفل دون سن العمل «15 سنة»، ينتشرون في عدة مدن يبحثون عن العمل لإعالة عائلاتهم من الموت جوعاً سواء كان عملهم في تلميع الأحذية أو الكاراجات أو ورش التصليحات وجمع القمامة وحمل البضائع وفي أماكن الملاهي والدعارة. ان معظم الاطفال العاملين في العالم الثالث يعيشون دون خط الفقر ويحصلون على نصف ما يحتاجونه من الطعام وثيابهم رثة بالية وحالتهم الصحية سيئة وأجسامهم ضعيفة هزيلة. ولذلك أصبحوا فريسة سهلة لعصابات الجريمة المنظمة التي تخطفهم وتجبرهم على التسول أو الدعارة وفي بعض الأحيان نجد أن بعض الآباء يعمد إلى بيع أبنائه مقابل 80 دولاراً سنوياً للعمل في المصانع من أجل تأمين الغذاء والمسكن. يقول الدكتور علي وهب: في كتابه «خصائص الفقر والأزمات الاقتصادية في العالم الثالث» إن المجاعة تطرق أبواب أكثر من 80% من شعوب العالم الثالث إذ نجد ملايين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء من الفقر والجوع معاً. وإذا ابتعدنا عن مآسي العالم الثالث نجد في قلب العالم الصناعي المتطور أطفالاً يعملون في مختلف المهن والحرف عوضاً عن الذهاب إلى المدرسة. وحسب احصاءات مكتب العمل الدولي يوجد أكثر من 100 مليون طفل في العالم يعملون دون سن الخامسة عشرة وخاصة في الدول النامية. وبالرغم من القوانين والدساتير والأنظمة التي تنص على منع تشغيل الأطفال في مهن تشكل خطراً على حياتهم إلا ن أعداد الأطفال الذين يقومون بأعمال صعبة وشاقة في ازدياد مطرد. إن عمل الأطفال في بعض دول العالم الثالث أصبح جزءاً لا ينفصل عن القوة العاملة لأنه يحل بعضاً من المشاكل وخاصة مشكلة إطعام هؤلاء الأطفال حتى ان هناك نشاطات صغيرة لا يتمكن من القيام بها إلا الأطفال في سن دون الخامسة عشرة من العمر. إن المجتمعات المعاصرة مطالبة وبشكل عاجل بتصحيح أوضاع هؤلاء الأطفال وتوفير المسكن والاستقرار والحنان والأمن لهم بدل المشقة والحرمان والفقر والجوع. * عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية