الأسهم الأوروبية تغلق على تراجع    أمير تبوك: نقلة حضارية تشهدها المنطقة من خلال مشاريع رؤية 2030    الفالح: المستثمرون الأجانب يتوافدون إلى «نيوم»    برئاسة ولي العهد.. مجلس الوزراء يقرّ الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2025م    السعودية وروسيا والعراق يناقشون الحفاظ على استقرار سوق البترول    مغادرة الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    التعاون والخالدية.. «صراع صدارة»    الملك يتلقى دعوة أمير الكويت لحضور القمة الخليجية    الهلال يتعادل إيجابياً مع السد ويتأهل لثمن نهائي "نخبة آسيا"    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء    «التعليم»: 7 % من الطلاب حققوا أداء عالياً في الاختبارات الوطنية    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    «فقرة الساحر» تجمع الأصدقاء بينهم أسماء جلال    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    الأسبوع المقبل.. أولى فترات الانقلاب الشتوي    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    مبدعون.. مبتكرون    ملتقى الميزانية.. الدروس المستفادة للمواطن والمسؤول !    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    بايدن: إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف النار    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    قمة مجلس التعاون ال45 بالكويت.. تأكيد لوحدة الصَّف والكلمة    7 آلاف مجزرة إسرائيلية بحق العائلات في غزة    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    «هاتف» للتخلص من إدمان مواقع التواصل    حوادث الطائرات    حروب عالمية وأخرى أشد فتكاً    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    الرياض الجميلة الصديقة    هؤلاء هم المرجفون    المملكة وتعزيز أمنها البحري    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    حملة على الباعة المخالفين بالدمام    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    جمعية لأجلهم تعقد مؤتمراً صحفياً لتسليط الضوء على فعاليات الملتقى السنوي السادس لأسر الأشخاص ذوي الإعاقة    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمد بن سعد الشويعر

موضوع اليوم، الذي سأتحدث فيه، قد يختلف عن النهج الذي تعوده القراء فيما أكتبه، ولكنه يصب في القالب الأساسي، الذي نحرص عليه، وهو الافادة، وحماية النفس والوطن من المؤثرات التي تكتنفنا يميناً وشمالاً.. وما يريد الأعداء أن يجذبونا إليه: طمعاً وحسداً، وفق دلالة الآية الكريمة: «ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى، حتى تتبع ملتهم، قل إن هدى الله هو الهدى، ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير» )البقرة 120(.
فهنا نجد أنفسنا في حالة يدركها من يسبر الأحداث، ومن يسافر لخارج الحدود، حيث يبرز الحسد، ويظهر مكنون النفوس ضد الفرد والجماعة في هذه البلاد، لأننا محسودون في ديننا، وعلى أمننا، وترابطنا مع قيادة بلادنا ومع العلماء، الذين نستنير برأيهم وما يصدر عنهم من فتاوى، ومحسودون على اقتصادنا وعلى سائر أمورنا، كما أبان القرآن الكريم نماذج من ذلك، منذ عهد النبوة.. وكما تطفح به الوقائع التاريخية، في ماضيها والأحداث التي تتجدد بعد ذلك وإلى اليوم..
والكاتب فيما يطرحه، يحسن به أن يكون، كالملتقط من البستان: زهراته وثماره، يأخذ ما يعجبه هو، ويهدي للآخرين ما يلذ لهم.. وقد فطر الله الناس على اختلاف الأذواق، وتباين الأمزجة، ومن هذا جاء مثلنا الدارج، المستوحى من واقع الحياة: «لولا اختلاف الأنظار لبارت السلع».
وقد استوحيت الفكرة التي سأطرحها أمام القارئ الكريم: مما تحفل به الصحف هذه الأيام، حول الإهدار المالي الذي يذهب هباء، في رحلات الصيف للخارج التي قدرتها صحيفة واحدة في يوم السبت 23/4/1422ه، بالمليارات التي هي ميزانية مجموعة من الدول، وذلك وفق مقياس بعدد ما قطع على الخطوط السعودية من تذاكر، وبمعدل 35 ألف ريال، للمسافر.. وقد يكون الرقم أكبر من ذلك.. هذا غير المحاذير الأخرى: الدينية والخلقية والأمنية التي هي أغلى من المال.
وحول التنشيط السياحي الداخلي، لما وراء ذلك من فوائد ومصالح عديدة: نفسية وأسرية، ودينية واقتصادية، وأخلاقية واجتماعية، وأمنية وأدبية.. ولئن كانت الفائدة الدينية، هي موطن الارتكاز، التي ننشىء عليها أبناءنا، ونطمئن على إقامة شعائر ديننا، عمرة، وزيارة، وصلاة في وقتها لأنها أفضل الأعمال، سواء بالمرور على الحرمين الشريفين، لمكانتهما وقدسيتهما ومضاعفة الأجر، أو في أي مكان من بلادنا، حيث المحافظة على شعائر الإسلام، مع سماع الذكر والتعارف بين بعضنا، ومع اخواننا المسلمين من دول الخليج وغيرهم ممن يحب السياحة الدينية المتوفرة أسبابها.
هذا إلى جانب فائدة مهمة: هي معرفة أجزاء بلادنا الواسعة، والإطلاع على معالم نهضتها، التي أصبحت بها القرية تضاهي المدينة، والصحراء والقفار، انقلبت إلى طرق ممهدة، وسبل آمنة، وخضرة جلت الغبرة، ومزارع متشابكة.. هي من النعم التي تذكر وتشكر، وتبرز جهود الملك عبد العزيز رحمه الله وجنوده البواسل، الذين وحدوا تحت راية التوحيد، أجزاء البلاد المتباينة النزعات، وقضى الملك عبد العزيز باخلاصه وبعد نظره، على ما يقف في طريق الأمن والبناء.. حتى أقر الله عينه بدولة كبيرة المساحة، وشعب أخلص المسيرة مع قيادته.. ولاء وتعاضداً.. حيث أصبحت دولة ذات شأن، لها ثقلها في الميزان الدولي.
والفكرة التي أهديها إلى وزارة البلديات «الشؤون البلدية والقروية» ومن ثم إلى البلديات الكبيرة والصغيرة، في أنحاء المملكة والجهات الحريصة على تنشيط السياحة الداخلية وأهميتها.. وترغيب الناس فيها اذ ما أكثر الفكر التي تطرح للنقاش والمداولة، على وجه الخصوص والعموم.
فالخاص ما يبحث في اجتماعات البلديات، ولجان تنشيط السياحة، وما يرى من أمور ترغب المواطن في التنقل داخل بلاده، وتهون عليه وعثاء السفر، وفي مقدمة ذلك سكنه ومتطلباته، وتيسير وسيلة السفر، وأماكن نزهته هو وأسرته، وتنظيم ذلك بالقضاء على ما ينغص النزهة عليه.
ونحن في هذه البلاد، التي أكرمنا الله فيها بالاسلام ديناً، وبالحرمين مجاورة وخدمة، وبقيادة تمكن السير في هذا الإطار: بدءاً بالملك عبد العزيز رحمه الله الذي أثبت الدعائم، وسار على درب التوحيد والبناء، على حماسة دينية عقدية، وعاضده في ذلك العلماء مشورة وتوضيحاً.. فجعل في المحافل الدولية، وبكل شجاعة دستوره القرآن وتحمسه لاقامة شرع الله في كل أمر.. فارتاح المواطن، واطمأن الوافد، واقتفى أثره في هذا الدرب بنوه من بعده.
والمسافر الذي استجاب للسياحة الداخلية، ما دام ترك بيته وبلده، فانه ينشد الراحة لنفسه وأسرته، ويجب أن يجد في كل مكان يتجه إليه ما يجذبه.. وفي كل منطقة من مناطق المملكة ما يميزها، حتى تتجدد الرغبة بما يتراءى أمامه في كل محافظة من محافظات المملكة الواسعة الأرجاء من نكهة مغايرة لغيرها.
وهذا ما يشعره بلذة التنقل، وتطمئن معه نفسه بهذا التجديد الذي يعود عليه، وعلى أفراد أسرته، مهما كان دخله بالنشاط والإحساس بتغير الرتابة المألوفة لديه.. مما يبرز أثره عليه وعلى أبنائه مع العام الجديد.
اذ المجتمعات الخارجية إلا ما رحم الله تموج بالفتن، وتكتنفها المشكلات العديدة، وتجعل انسان منطقتنا، في نظر بعض البشر هناك، مستهدفاً في نفسه، وفي ماله وجميع ممتلكاته.. كما تطفح بذلك صفحات الجرائد اليومية، وتحذيرات الجهات المختصة بالمملكة، لكل مسافر وراء الحدود بالحيطة والحذر.
ان بلادنا الغالية: ذات أجواء مختلفة من سهل ساحلي، إلى شواطئ جيدة: سعة وجمالاً، ومن صحراء مترامية الأطراف، الى جبال شاهقة عليلة الهواء، وبين تلك الأشياء اختلاف في الهواء والتربة، ودرجة الحرارة ونوعية النبات، فهي تجمع بين المشتى الجميل، ونسيم الصيف العليل.. وبين مناظر الطبيعة الخلابة، والمزارع الوارفة الممتدة، وهذا التمايز بين أجزاء المملكة، يدعو إلى المساهمة والتنظيم من كل فرد ومؤسسة بالآراء المعينة على رفع المستوى، وتحسين الأعمال، لتكون النتيجة مرضية، والرغبة متجددة لدى المواطن والوافد.
ولما كنت من المتابعين لما يقال ويكتب، فانني أشعر في كل عام باهتمام لتقبل الفكر المعينة على الرفع من مستوى المصايف بصفة عامة، وبمصيف الدولة الأول، الذي اهتم به الملك عبد العزيز منذ توحدت المملكة بصفة خاصة، وسار على دربه أبناؤه من بعده.. تجميلاً واهتماماً بالتنسيق والتشجير، بما يلائم البيئة، ووضع لمسات من بيئة المنطقة، لتكون من المعالم البارزة أمام الوافد، خاصة وأن مدينة الطائف، تجمع بين حسنيين: كونها مصيفاً متوسطاً، وارتباطها بمفارق المملكة المهمة، ووقوعها على الطريق المؤدي إلى مكة المكرمة من العاصمة الرياض، وشرق وجنوب المملكة.. ولقربها من البحر لمن يعشقه..
ثم وهذا هو الأهم: لقرب المسافة مع مكة المكرمة، لمن يريد العمرة أو الصلاة في الحرم كل يوم، أو حسب ما يتهيأ له، وسهولة الوصول إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث يجمع المسافر لها بين المدينتين الكريمتين: قداسة العبادة والأجر من الله، على ما في ذلك من اطمئنان وراحة نفس.. وما تتطلبه نفسه وأسرته من أمور تتعلق بالسياحة وذكر الله.
ولئن كان الشافعي رحمه الله يقول:
تغرب عن الأوطان في طلب العلا
وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفرج هم واكتساب معيشة
وعلم وآداب وصحبة ماجد
فإن ما أقدمه بهذه الفكرة المهداة، لمن يهمهم أمر السياحة الداخلية، وما يجب أن تنعكس عليه من مصالح للوطن والمواطن أولاً، وللمسلمين الحريصين على دينهم وتعاليم شرع الله، المحبين للمملكة، ثانياً حيث يأخذون القدوة، ويستفيدون العلم، علاوة على العبادة.. في الحرمين الشريفين: عمرة وزيارة عند وفادتهم لهذه البلاد، التي هي مرنى أفئدة المسلمين. هذه الفكرة ذات جوانب، نطرح منها ما يناسب المقام:
فالبلديات عليها أن تهتم بالتشجير والتجميل.. بأبرز الأشجار لكل مدينة، بما عرفت به كسمة مميزة.. في الشوارع والحدائق العامة.. ذلك أن مداخل مدننا هي الواجهة أمام القادم إليها، خاصة وأن شوارعها واسعة.. وأشجار كل منطقة، جعل الله فيها خاصية، تتلاءم مع البيئة: جمالاً ونمواً وتحملاً.
كما يمكن البدء بالحدائق الخاصة، والدوائر الحكومية.. ثم يأتي التدرج إلى الشوارع الكبيرة، ومداخل المدن، ثم الشوارع في داخل كل مدينة، والحدائق العامة.. وهذا يدعو اليه تنوع أجواء المملكة.
فالطائف مثلاً تشتهر منطقة الهدا بالورد والمشمش، وجهات أخرى بالتين الشوكي البرشومي والحماط، والشفا بأشجار العرعر.. وغيرها، فيجعل في شوارعها وحدائقها بما يناسبها كمظهر ينطبع مع المكان.
وأبها والباحة لكل منهما خصوصيات في أشجار الزينة أو المثمرة، سواء كانت أشجاراً محلية كالشذا والعرعر واللوز والزيتون وغيرها، أو مستوردة، ونجحت بملاءمة البيئة، وعدم الحاجة إلى المياه المستديمة، كما يلاحظ في شجرة الفكس، التي تعرف في بعض البلاد العربية بالصفصاف.
مثلما أن الرياض والأحساء توجد فيهما وفي القصيم والخرج أشجار النخيل، التي نرى شوارع الرياض تزدان بها، وسوف تعطي جمالاً أكثر، وطابعاً مميزاً، لو اهتم بها في الميادين ومفارق الطرق، ولو جعلت في الشوارع الواسعة على الجانبين، علاوة على الوسط.. حيث تميزت بهذه الظاهرة مدينة الرباط بالمملكة المغربية وبعض المدن الأخرى.
ذلك أن النخلة تتحمل الجو الحار، الذي هو بيئتها، وترغب في الشمس التي هي أوفر ما في مدننا، وهي قنوعة بالنسبة للري بالماء، بل ان كثيراً من العمالة الوافدة لا يعرفون طبيعة النخلة ومتطلباتها: في الماء عطاء وتوقفاً ولا في التأبير والعناية، ولا في متابعة أحوالها ورعايتها طول العام..
وهذا يستدعي تعليم هذه المهنة المتوارثة لدى الفلاحين، قبل اكتمال نفورهم من هذه المهنة، لأن كل شيء يحتاج إلى رعاية وعناية.. اذا ترك الفلاحون، والرعاة مهنهم الأساسية وسلموها لعمالة وافدة لا تحسنها.
وفي بعض المدن يكون لها طابعان في تقبل الأشجار كالجوف وحائل الشمال، اذ يمكن التمازج بين الاهتمام فيها بالنخلة، والزيتون.. حيث اثبتت التجربة نجاح الزيتون ونوعيات من الأشجار الجميلة في منظرها الجيدة في عطائها.
والمناطق الساحلية يلائمها أشجار أخرى: كالبباي، والقطن، والدّوم، وجوز الهند وغيرها مما يثمر وما لا يثمر كالجوافة والمنقا وأنواع يعرفها المختصون، اذ في الشام أشجار تلائم مدننا الشمالية، وفي أفريقيا ما يناسب المدن الساحلية.
وهكذا دواليك في كل مدن المملكة، مما يجب أن تتعاون فيه وزارة الشؤون البلدية والقروية بفروعها، مع وزارة الزراعة وكليات الزراعة، بخبراتهم.. في تنسيق بين الجميع يستفاد فيه مع الخبرة بالعلم المدروس.
ويدخل في هذا الأشياء الجمالية في مدن المملكة، التي يجب أن تتغير عن الصورة الحالية التي هي صورة طبق الأصل بالدلال والمنجرة وأدوات القهوة المعتادة، إلى شيء يبقي لكل مدينة رونقاً خاصاً سواء بالناحية التاريخية أو الأمور الجمالية، أو المباني والمظهر المتميز، اذ يعجبني ما رأيت في أبها وخميس مشيط، وان كان بأمر قليل الا أنه أعطى ظاهرة متميزة.. خاصة وأن مدننا وقرانا مع النهضة المباركة في البلاد، أصبحت مبانيها نسخة متكررة، أنستنا طابعنا الخاص بجماله وما كانت تعرف به المناطق من قبل عن بعضها البعض.
واذا تركنا الأمور الجمالية، لمن هي من اختصاصه، سواء القطاع الخاص، وما يلقى اليه من ارشادات وتوجيهات أو القطاع العام وما يضع من تصور مفيد.. أو الفنانين والرسامين، بما تسجله أيديهم من ابداعات وأفكار فان هناك جوانب أخرى تهم السائح محلياً أو من الخارج، لتجعله مقبلاً على السياحة الداخلية، أو محجماً عنها، خاصة عندما تأتي المقارنة، بما هو في الخارج من اسعار، وما تهيئه الشركات من تسهيلات، ومن ذلك:
تخفيض الأجور على الخطوط السعودية، بين مدن الاصطياف، لأنها الشركة الوحيدة في المملكة وأجورها باهظة الآن، وزيادة عدد الرحلات اذ هذا مما يعين على توسيع نطاق السياحة المحلية.. ومثل ذلك أجور المكالمات الهاتفية وتخصيص أماكن في المطارات للمودعين والمستقبلين.. وأراض تنظم بمرافقها للمخيمات السياحية: قسم للعزاب وقسم للعوائل وبرسوم تغطي النظافة والصيانة وما اليها من محافظة على بقائها.
تيسير السكن بتحديد أسعار الشقق المفروشة، وتجعل فئات، لأن كثيراً أحجموا عن السياحة الداخلية بسبب الغلاء الذي قد تبلغ 700 ريال في اليوم.
ملاحظة الخدمات والتأثيث في هذه الشقق، لأن أغلبها ليست في المستوى الذي يريح.
تكثيف المراقبة على المطاعم والأكلات العاجلة الجاهزة من حيث النوعية والصحة والسعر الذي يُستَغَلُّ فيه السائح.
الاعتناء بالأكلات الشعبية لكل منطقة.. وقبل هذا الصناعات المحلية وخاصة اليدوية، ويخصص في كل جهة سوق متميز لذلك يرتاده السائح، مع اعادة الأسواق اليومية في بلدانها ولو فترة الصيف.
تهيئة الفرص في جلسات مع كبار السن والمثقفين إما في بيوتهم أو في نادٍ يخصص لذلك للمحاورة معهم ومع الشعراء.
تكثيف المحاضرات والندوات الدينية والثقافية والأدبية، والفنون الشعبية في كل مدينة من رجالها.
تعاون المعارف مع رئاسة تعليم البنات، بايجاد مدارس صيفية وللتقوية في التعليم العام تيسيراً لأصحاب الأولاد والبنات، وتغلباً على المشكلات الطارئة وشغل فراغ الأولاد.
الاهتمام بمدارس تحفيظ القرآن بنين وبنات ايضاً لمن يريد فائدة ومصلحة لأولاده في حفظ ما تيسر من القرآن الكريم وغير هذا من أمور تعود على السائح بالنفع والفائدة له ولأسرته خلال سفره، ليحصل على الفوائد الخمس التي ذكرها الشافعي.
ابن بطوطة في سيلان
يقول: اتفقت مع الوزير سليمان على تزويج ابنته، فبعث إلى الوزير جمال الدين ان يكون عقد النكاح بين يديه بالقصر، فأجاب إلى ذلك، وأحضر التنبول على العادة والصندل، وحضر الناس وأبطأ الوزير سليمان، فاستدعي فلم يأت، ثم استدعي ثانية، فاعتذر بمرض البنت، فقال لي الوزير سراً: ان بنته امتنعت وهي مالكة أمر نفسها، والناس قد اجتمعوا، فهل لك أن تتزوج بربيبة السلطانة زوجة أبيها؟ وهي التي ولده متزوج بنتها.
فقلت له: نعم، فاستدعى القاضي والشهود، ووقعت الشهادة، ودفع الوزير الصداق، ورفعت إليَّ بعد أيام، فكانت من خيار النساء، وبلغ حسن معاشرتها أنها كانت اذا تزوجت عليها، تطيبني وتبخر اثوابي وهي ضاحكة لا يظهر عليها تغيير، ولما تزوجتها أكرهني الوزير على القضاء، وسبب ذلك اعتراضي على القاضي، ولكونه كان يأخذ العشر في التركات اذا قسمها على أربابها، فقلت له: انما لك أجرة تتفق بها مع الورثة، ولم يكن يحسن شيئاً.
فلما وليت اجتهدت جهدي في اقامة رسوم الشرع، وليست هناك خصومات كما هي في بلادنا فأول ما غيرت من عوائد السوق، مُكثُ المطلقات في ديار المطلقين فكانت احداهن لا تزال في دار المطلق حتى تتزوج غيره، فحسمت علة ذلك، وأتي لي بنحو خمسة وعشرين رجلاً ممن فعل ذلك، فضربتهم وشهرتهم في الأسواق، وأخرجت النساء عنهم، ثم اشتددت في اقامة الصلوات، وأمرت الرجال بالمبادرة الى الأزقة والأسواق اثر صلاة الجمعة فمن وجدوه لم يصل ضربته وشهرته، وألزمت الأئمة والمؤذنين، أصحاب المرتبات المواظبة على ما هم بسبيله، وكتبت الى جميع الجزائر بنحو ذلك، وجهدت الى أن أكسو النساء فلم أقدر على ذلك.
وقد وصلت الى جزيرة صغيرة، ليس بها الا دار واحدة، فيها رجل حائك، له زوجة وأولاد ونخيلات نارجيل وقارب صغير يصطاد فيه السمك، ويسير به الى حيث أراد من الجزائر، وفي جزيرته أيضاً شجيرات موز، ولم نر فيها من طيور البر غير غرابين، فغبطت والله هذا الرجل ووددت لو كانت هذه الجزيرة لي فانقطع فيها حتى يأتيني اليقين.
وفي بعض الجزر رأيت امرأة لها ثدي واحد في صدرها، ولها بنتان واحدة كأمها بثدي واحد، والأخرى ذات ثديين الا أن احدهما كبير فيه اللبن، والآخر صغير لا لبن فيه، فعجبت من شأنهن )رحلة ابن بطوطة 2:669(.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.