سبعون شخصاً يمثلون أكبر وفد سعودي إلى تظاهرة عالمية في ألعاب القوى منذ أن عرف الشباب السعودي طريقه إلى البطولات القارية والدولية قبل نحو ثلاثة عقود، وليس العدد الكبير هو اللافت للنظر في الوفد السعودي المتجه إلى كندا حيث تقام بطولة العالم الثامنة لألعاب القوى «أدمنتون 3 12 اغسطس»، بل نوعية المشاركة ومغزى الوفد الكبير إلى أول تظاهرة عالمية لألعاب القوى في الألفية الثالثة التي يدخلها اتحاد ألعاب القوى برئاسة الأمير نواف بن محمد بعقلية الباحث عن الأمجاد والألقاب في ميادين ألعاب الذهب وفي كل مسابقة رغم صعوبة المهمة وقسوة الظروف في تكوين فريق متكامل قادر على خوض كل المسابقات «منافسا»، فلقد عجزت الدول الأكثر قدرة والأوسع خبرة مثل أمريكا، المانيا، روسيا في تحقيق هذا التكامل، فهناك من تخصص في المسافات القصيرة، وآخر في الطويلة، وثالث في ألعاب القفز، ورابع في الرمي، لكن هذا كله لم يمنع الأمير الطموح من البحث عن المواهب في كل حدب وصوب وعبر مختلف الأنشطة والمسابقات المحلية على أن يظهر من بينهم من يستطيع رفع الراية الخفاقة في أحد ميادين التنافس الرياضي الشريف قارياً ودولياً، بعد أن تحولت ساحات الرياضة إلى ميادين للسباق الإعلامي بين الدول صغيرها بإمكاناته المحدودة قبل كبيرها بقوته البشرية والمالية، إنجازات خارفة للعادة ورغم قصر تجربة الاتحاد الحالي في معترك العمل الرياضي 92 2001م إلا أنه حقق قفزات رقمية في الحصاد والمشاركة اقليمياً وعربيا وقارياً ودولياً لوت إليه الأعناق وأصبح الاتحاد واحداً من الهيئات الرياضية السعودية وحتى العربية التي يشار إليها بالبنان بعد أن توّج العداء البطل هادي صوعان الجهد في ألعاب سيدني الأولمبية بأكبر انجاز للرياضة السعودية والخليجية باحرازه الميدالية الفضية وبزمن 53، 47 ثانية لمسافة 400م حواجز التي كسر فيها الاحتكار وزرع في نفوس الطامحين الآمال بالوصول إلى منصات التتويج وهو الذي أردف الانجاز بآخر في نفس الشهر اكتوبر 2000م بحلوله ثانياً لسباق الجائزة الكبرى وبالتالي أصبح المصنف العالمي الثاني في هذه المسابقة، هادي والسبع «عنوان المستقبل» وهادي ليس إلا واحداً من جيل من الشباب السعودي الطموح في ألعاب القوى الذين يعدهم الاتحاد حالياً لخوض المعترك منافسين على الذهب في كل ميدان لفتح صفحة جديدة من الانجازات السعودية قاريا ودوليا فيظهر في القائمة المصنف الأول عالمياً لهذا العام في الوثب الطويل حسين طاهر السبع الشاب البالغ من العمر 21 سنة والذي سجل أفضل رقم في منافسات الجائزة الكبرى في مايو الماضي في قطر وهو 31، 8 متر والذي يؤهله للمنافسة على ذهبية أدمنتون بقوة كما هو الحال لهادي صوعان في مسابقته 400م حواجز وثالث الفرسان هو حمدان عوضه البيشي المصنف الأول على مستوى العالم في الشباب بحصوله على الميدالية الذهبية لسباق 400م في بطولة العالم للشباب في تشيلي المقرون برقم عالمي لهذه المسافة لنفس العام 66، 44ث وهناك سالم اليامي الذي جنى حتى الآن أربع ميداليات ذهبية في بطولتي الخليج وآسيا للشباب في سباقات السرعة 100م،200م وتوج جهده بتسجيل رقم آسيوي جديد لسباق 100م هو 25، 10ث حطم به رقمه السابق 27، 10ث وذلك في سباق هيلسنكي في يونيو الماضي، ويبرز هذا الرباعي التحول الذي حدث في مشاركة ألعاب القوى السعودية وانتقالها بسرعة من مسابقات المسافات الطويلة التي بدأ بها الاتحاد الحصاد الدولي بواسطة العداء البطل سعد شداد بطل 3000م موانع الحاصل على برونزية بطولة العالم الخامسة في جوتنبرغ بالسويد وهي بالمناسبة أول ميدالية عالمية سعودية، وصاحب الرقم القياسي الآسيوي في هذه المسافة وله ثلاثة انجازات آسيوية إلى جوار زميله عليان القحطاني البطل في سباقات المسافات الطويلة 000، 5م ،000، 7م وقد ظهر هذا التحول في دورة الألعاب العربية في عمان 99 التي سيطر فيها عداؤو السرعة السعوديون على الميداليات الذهبية لسباقات 100م، 200م و400م وتواصل في البطولة العربية بلبنان وتجلى في بطولة آسيا في إندونيسيا العام الماضي 2000م حينما حقق المنتخب أربع ميداليات ذهب في 400م حواجز، هادي صوعان، 100م جمال الصفار، 110 حواجز مبارك عطا، الوثب الطويل حسين السبع، بالاضافة إلى ثلاث فضية وأربع برونزية وكانت بمثابة الاعلان القوي بقدوم السعوديين منافسين إلى ألعاب سيدني الأولمبية التي أقيمت بعد ذلك بنحو شهر وخرج منها صوعان بأكبر انتصار وأفضل انجاز، الاهتمام المتوازي إلا أن هذا لا يعني تحول اهتمام الاتحاد من مسابقات إلى أخرى فسعيه حثيث لاكتشاف كل المواهب في كل المنافسات، فقد وضع برنامجاً مكثفا لمواصلة إعداد عدائي المسافات الطويلة الذين يقودهم العالمي شداد الذي عانده الحظ بعد جوتنبرغ فحرمته الاصابة من المنافسة في أولمبياد أتلاتنا ومن المشاركة في بطولة العالم في إسبانيا وكذا من ألعاب سيدني التي كان يحلم بجعلها خاتمة المطاف لرحلته في ميادين ألعاب القوى ولم يحقق الحلم، وأصر الحظ على عناده في حرمانه من الوصول إلى نهائيات أدمنتون بكندا، ولم يبق أمامه سوى بطولة القارات، الدورة الأفروآسيوية ثم دورة الألعاب الآسيوية المطالب فيها سعد مع زملائه عدائي المسافات الطويلة عثمان عثمان، صلاح فضل، حسن الأسمري، بتعويض الغياب عن أدمنتون بانجازات أفضل، في ذات الوقت هناك مجموعة من العدائين الشباب في المسافات الطويلة والذين اكتشفوا مؤخراً وأوكلت رعايتهم إلى مدربي الاتحاد الذين يبلغ عددهم نحو 20 مدرباً في مختلف التخصصات، نواف: تعدد المدارس ضرورة ويشير الأمير نواف بن محمد رئيس الاتحاد إلى أن الاتحاد ينهج في عمله طريق تعدد المدارس التدريبية بحسب الكفاءة الفردية للمدرب وتطور اللعبة في هذه الدولة أوتلك باعتباره صاحب حاجة يبحث عن الأفضل ولقد آتت هذه السياسة ثمارها في السنوات التسع الماضية من عمر الاتحاد والتي شهدت تحولاً جذرياً في اسلوب المشاركة قفزت معه ألعاب القوى السعودية من ظل المشاركة لمجرد المشاركة إلى ضوء المشاركة للمنافسة على الألقاب وهذا ليس بالأمر اليسير إذا ما أخذنا بعين الاعتبار حداثة التجربة السعودية أمام الدول التي سبقتها، وهذا يعطينا البرهان الساطع على أن الشباب السعودي طموح بطبعه وتواق إلى الانجاز إذا ما توفرت له ظروف أفضل في الإعداد، ونحن بعون الله سائرين في هذا الطريق بفضل ما نلقاه من دعم من حكومتنا الرشيدة ويشير سموه أيضاً إلى أن المنتخب يدخل بطولة العالم الحالية بطموح المنافسة على الميداليات بعد أن بلغ اللاعبون درجة قصوى من التحضير والإعداد لذلك جسدتها النتائج الايجابية التي خرجوا بها من البطولات والمشاركات السابقة في هذا العام وفي العام الماضي، ونتطلع إلى توفيق الله لنا في هذه البطولة التي ستترك بلا شك آثارها على المسيرة،