ان التنقيب عن التراث الأدبي الذي أهمله التاريخ أو بالأصح وبلغة العصر لم يجد مبرمجان بكسر الميم الثانية يودعه حافظة التاريخ ليبقى مخزوناً فيها إلى حين الرجوع إليه. لهو أمر يُعدّ من مهمات الباحث الأدبي. والمملكة العربية السعودية تعد من أغنى الدول العربية بفرائد التراث الذي مازال مطموراً تحت ركام السنين مثل ما تنطمر الكمأة داخل الأرض ولا يستخرجها إلا نابش زكي وفطن وذو دراية وفراسة وعلم بمواطنها وأماكن نبتها.. أقول هذا ما أن قرأت في العدد 6584 وتاريخ 13/12/1411ه من جريدة اليوم موضوعاً مذيلاً بقصيدة حققها أحمد باقر الشواف الذي أشار إلى أنه عثر عليها وأنها للشاعر الحاج علي بن السيد محمد آل رمضان الخزاعي الأحسائي وأن تاريخها يعود إلى ما قبل 1265ه لأن هذا التاريخ هو تاريخ وفاة الشاعر الخزاعي والذي يهمني اقتطافه من البحث الذي بمثابة مقدمة للقصيدة هو القول بأن الحاج علي قال القصيدة المعثور عليها والتي كلها حزن وشوق وتلهف إلى بلده الأحساء وهو في شيراز عندما ذهب إلى هناك لطلب الرزق وبعث بها إلى أصدقائه وأحبابه في الرفاعة الجنوبية بالهفوف بالأحساء وفيها رد على الذين كانوا يريدون منه أن يستبدل بلده بغيره ويبقى في شيراز بإيران لكنه أبى ذلك ورفضه رفضاً قاطعاً. والحقيقة أن القصيدة مؤثرة للغاية إذ يتمنى فيها شربة ماء من بئر قريب من ميناء العقير يسمى «أبو زهمول» أو وقفة على أم الذر وهو موقع رملي قريب من العقير. ولقد ذكرتني تلك القصيدة عندما قرأتها لأول وهلة بقصيدة «ابن ذريعة» ولا أدري ما الذي ربط هذه بتلك في ذهني. وقصيدة الحاج علي بن السيد محمد آل رمضان الخزاعي طويلة نسبياً إذ يبلغ المنشور منها 22 بيتاً منها قوله: ومالي وللوام لادرّ درّهم قد استحسنوا باللوم سفك دمي عمداً يريدون صرفي عن هواي سفاهة وهيهات يأبى ذاك من طلب الرشد وقالوا أبو زهمول مُرّ مذاقه فقلت لهم والله أحسبه الشهدا ألا ليت لي من مائه المرّ شربة يصادف حر القلب من طيبها بردا وياليت لي وهي السعادة وقفة على رمل أم الذر أبري بها الوجدا وياليت شعري هل أبيت برملها وأوقد حمضا يفضح المسك والرندا إذا عبقت بي نفحة من دخانه شممت بها ما تحمل الريح من سعدا ويختمها بقوله: وإني لأرجو من إلهي بفضله شفائي بوصل قبل أن أسلك اللحدا