هذه الكوكبة من النخبة والمثقفين التي تم اختيارها لمجلس الشورى إنما تمثل انطلاقة جديدة للمجلس في دورته الثالثة حتى يواصل دوره الطبيعي في دراسة وتحديث الأنظمة لمختلف الجهات وكذلك الاستجابة لما يطرح عليه من رؤى جديدة تمهد لاستيعابها كأنظمة يحتاجها الوطن في مسيرته إلى الأمام. ولن أتوقف عند التطلعات التي ينتظرها الوطن فهي كثيرة ومتعددة انما احسب بأن ثمة أولويات تأخذ طابع الاقتراب من هموم المواطن مثل نظام الضمان الاجتماعي الكسيح الذي لا يسمن او يغني من جوع. نظام التوظيف الذي تمارسه اكثر من جهة ونظام التعليم الموزع بين مصالح متداخلة مثل المعارف والجامعات ورئاسة تعليم البنات ومعهد الادارة ومراكز التعليم الفني والكليات والمعاهد والمدارس الخاصة. ثم البحث في تحديد جهة تضم القطاعات التي تتهرب من احتضان الثقافة وتكريس مسمى تنطلق منه نشاطاتنا الفكرية تحت مظلة وزارة أو مديرية تستوعب كافة المفاهيم الحديثة وتبدأ بإيجاد رابطة فكرية للأدباء في جميع انحاء المملكة من الجنسين لأن من الغرابة ان نرى كافة القطاعات مثل التجار والصناعيين والرياضيين يحصلون على رابطة تجمعهم في حين وجدت هوة استحال ردمها إلاّ في أندية محدودة لأن للأجيال الشابة من الأدباء والأديبات تطلعات تواجه زجراً ونفوراً لاختلاف المشارب والوعي الجديد للثقافة رغم ان الارهاصات التي نلمسها تبدو في صالح اتجاهات الابداع من ذلك مثلاً هذه المؤسسة الفكرية التي ينادي بإنشائها سمو الأمير الفنان خالد الفيصل - أمير منطقة عسير - لتشمل كافة أرجاء الوطن العربي لكي تحتضن التوجيهات الفكرية الحديثة - علمية وإبداعية - ودعم أي توجه حضاري يرفع من شأن الوطن العربي بما في ذلك الاختراعات في أي مجال علمي او تطوير اي اختراعات قائمة. وإن مواكبة الخطوات المندفعة في مجال الثقافة لهو مكسب حضاري تبحث عنه كافة الشعوب وليس بتأثير العولمة التي تحاول ان تسيطر على منابع التراث الفكري حتى تخضعه لمخططاتها التدميرية كما ان هناك مؤشرات أخرى تسير في الاتجاه الفكري مثل اسهامات البابطين في الرياض والكويت والشاعرة الدكتورة سعاد الصباح وجائزة العويس في الامارات إلى جانب جائزة الملك فيصل العالمية في الرياض. إن الثقافة - حضارياً - اصبحت غاية وليست وسيلة لبلوغ الطموحات العلمية والفكرية فالإبداع قرين النهوض والتطور والأمم التي تنسى هذا الهدف سوف تبقى في ذيل قافلة الحضارة بل ستجد نفسها تتسول المعرفة باسلوب ينم عن الخضوع والتهافت. والعرب لم يكونوا في مثل هذا المستوى منذ الرسالة المحمدية انما نافسوا بعد جهاد مع النفس وكانت العلوم في قمة ازدهارها حتى اصبحوا قبلة الفكر والفلسفة. مما دفع الذئب الأسيوي هولاكو إلى ان يحقد على حضارة هذه الأمة فيأتي غازياً ليفاجئ القوم الذين استكانوا إلى الدعة والتراخي الحضاري في قمة الترف فبطش بكل ما لفت نظره فجعل انهار العراق تمتلئ بالكتب وتراث المعرفة غرقاً في العهد العباسي عندما كان اسم العرب متألقاً في كافة العلوم والفنون. معذرة بأنني نسيت المناسبة التي اوحت لي بهذه الكلمة وهي تهنئة زملاء الحرف والنخبة الذين استعانت بهم الدولة للمساهمة بفكرهم وعطائهم في تحديث الأنظمة التي تقطعت بها سبل التطور من كثرة الاضافات والملاحق لها في دورة الشورى الثالثة وهي مسئولية كبيرة ولاشك اردت ان اجعلها فرصة لأذكّرهم بأن قطاع الثقافة - وهم فرسانها - ينتظر منهم الاسراع في انصافها، ولنا امل كبير في هذه الدورة الحاسمة لأن العولمة تدق أبواب الشعوب ونريد ان نقول كلمتنا في سعيها لاحتوائنا عن طريق تكاثر وسائلنا الثقافية حتى نصد عنفوانها. للمراسلة الرياض ص . ب 6324 الرياض 11442